إلى السيدة والسادة رؤساء وأمناء الأحزاب السياسية المغربية بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية 2016
يتوجه اليكم الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بمناسبة الاستحقاقات السياسية المتمثّلة في الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر المقبل، بندائه لتكون مناسبة عرض برامج أحزابكم في المجالات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والحقوقية، فرصة تاريخية ومجتمعية تعلنون فيها أمام الرأي العام الوطني والدولي عن مواقفكم من عقوبة الإعدام، وعن التزامكم الصريح بالمطالبة والعمل من اجل إلغائها من التشريع الوطني سواء في برامج هيئاتكم التي تعرضونها على المواطنين ، أو من حيث تعهدكم بتجنيد مناضليكم وممثليكم في البرلمان خلال الولاية القادمة سواء لطرح مقترحات قوانين من أجل إلغاء عقوبة الإعدام أو من خلال تعزيز أي مشروع يمكن تقديمه من قبل الحكومة في نفس الاتجاه، أو من خلال إثارة مناقشة موضوع إلغاء عقوبة الإعدام بشكل منفرد أو ضمن تحالفات سياسية برلمانية، أو من خلال مساءلة الحكومة المقبلة عما يمكن أن يبدو من تأخير او تردد في تحريك الآلية التشريعية لبلوغ الهدف المنشود وهو إلغاء عقوبة الإعدام بصفة نهائية من كل القوانين.
إنكم تدركون أن الحركة المغربية المناهضة لعقوبة الإعدام المعززة بعدد من الهيئات والفعاليات السياسية والفكرية والثقافية والفنية، وبشبكة البرلمانيات والبرلمانيين وشبكة المحاميات والمحامين، قد رسمت ورسموا كلهم معها طريق إلغاء عقوبة الإعدام، حيث جعلوا من موضوع إلغاء عقوبة الإعدام ومنذ أكثر من عقدين، أحد أهم الملفات المطلبية الحقوقية انطلاقا من تاريخ نضالي طويل من أجل ضمان احترام كامل غير انتقائي لكل حقوق الإنسان المعترف بها كونيا، ومن خلاصات تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة التي انتهت باقتراح إلغاء عقوبة الإعدام، ومن مواقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي توجها بالمطالبة الصريحة بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام في تقريره الأول قبل سنتين، ارتكازا على دراسات وتحاليل سياسية وقانونية وقضائية أبانت بأن عقوبة الإعدام في تناقض تام مع المنظومة الحقوقية العالمية، وفي تعارض مع الحق في الحياة ولا أثر لها تشريعا وتنفيذا على قمع الجريمة والحد من انتشارها، و تمس بمصداقية القضاء بانزلاقات أو أخطاء خلال المحاكمات، علاوة على كونها إحدى الصور المخجلة من صور التعذيب والإهانة والحط من الكرامة الإنسانية معنويا وجسديا.
السيدة والسادة رؤساء وأمناء الأحزاب السياسية المغربية
إنكم تعلمون من جهة أخرى، أن المغرب لا يعتبر الشريعة وقواعدها في مجالات الجريمة والعقاب مرجعا ومصدرا من مصادر منظومته الجنائية ومنذ أول نص بُعيد استقلال المغرب، كما أن قَضاءه ومحاكمه لا تأمر لا بحدود ولا بتعازير أي لا تحكم لا بقطع الأيادي و لا برجم الجناة ، فضلا على أن أحكام الإعدام و كما يؤكد التاريخ القضائي المغربي ذلك، لم تصدر إلا في قضايا سياسية وفي صراع ما بين النظام ومعارضيه، أي أن عقوبة الإعدام لم تستخدم من أجل مواجهة الجريمة لعلم الدولة والسلطات أن للجريمة آليات اُخرى لمواجهتها وحصر نطاقها ، بل حكم بها ونفذت بخلفيات سياسية وانتقامية حيث تأكد ذلك بوضوح من خلال خلاصات المؤرخين والأنتربولوجيين والقانونيين، وبالخصوص ما بعد سنوات الرصاص.
ولما كانت الفترة التشريعية التي انتهت مؤخرا قد عرفت تطورا له أهميته في مجال تقليص حالات الحكم بعقوبة الإعدام من خلال قانون وحيد وهو قانون القضاء العسكري، فإن هذا التوجه لم يكن في اعتقادنا بالائتلاف، سوى خطوة ناقصة خلافا لكل التوقعات و دون مبررات قانونية سليمة وخارج سياق الدستور الجديد والتطور الحاصل على صعيد آليات الأمم المتحدة كالجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، و ضدا على مرافعات ومذكرات الائتلاف المغربي، كما أن مسودة مشروع القانون الجنائي الذي عرضته وزارة العدل والحريات قبل سنتين، والمشروع الذي عرضته أمام البرلمان مؤخرا توجها بكل الأسف وبكل خيبة نحو الإبقاء على عقوبة الإعدام، ونحو إضافة جرائم جديدة وتحديد عقوبة الإعدام لها، علما بأنها من صنف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الإبادة، والتي لم تعاقبنا النصوص الأصلية بتلك العقوبة.
السيدة والسادة رؤساء وأمناء الأحزاب السياسية المغربية
إن المغرب وكما هو في علمكم، لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ 1993 وهي مدة تعطينا الانطباع بأن المغرب يتجه إلى إلغائها. ورغم ذلك، فلا زالت قرارات الإعدام تصدر عن محاكم المغرب وإلى اليوم، ولا زال العشرات من المحكومين ومن المحكومات قابعين بالسجون يموتون كل لحظة بفعل عوامل الإكراه والعزلة والمرض والإحباط وغيرها. ولا زال المغرب يمتنع عن التصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تعليق ووقف تنفيذ عقوبة الإعدام دوليا، وهي كلها حالات ومواقف تسير عكس روح الدستور والشرعية الدولية لحقوق الإنسان وفي مقدمتها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعديد من توصيات الأجهزة الأممية.
هكذا، ومن أجل كل هذه الاعتبارات، فإننا بالائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، نرى أنه حان الوقت لكي تتخذ هيئاتكم السياسية قرارها الواضح والعلني وتطالب بإلغاء عقوبة الإعدام، وتقدم أمام المواطنين ما يرفع كل اللبس والغموض عن موقفها من عقوبة الإعدام، وأن تعطوهم كامل المعطيات التي تجعلهم يقتنعون بما تعتزم القيام به أحزابكم من إجراءات ومن مساطر لكسب هذا الرهان السياسي و الحقوقي والديمقراطي، حتى تتميز للرأي العام لغة الخطاب الشفافة المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام وتتضح أمام المواطنين والمواطنات عناصر التقدير التي تساعدهم على التعبير عن رأيهم بكل المسؤولية ، وحتى لا يسقطوا في فخ الغموض و الانتهازية والرعب الفكري ولغة التهديد والتكفير .
وأخيرا، نخبركم بان الائتلاف له كل الاستعداد من اجل مدكم في حالة الضرورة، بجميع المعطيات والبيانات والمستندات ذات الصِّلة بموضوع إلغاء عقوبة الإعدام، والتي يمكن أن تكونوا في حاجة إليها والتي من شانها أن تساعدكم على الإحاطة بالمعلومة بكل عناصرها.
وفي انتظار تجاوبكم وموافاتنا ببرامج هيئاتكم، والتي نأمل أن تكون الداعم القوي لمسار الغاء عقوبة الإعدام بالمغرب، نرجو منكم أن تتقبلوا كل التقدير والاعتبار
الرباط بتاريخ 23 شتنبر 2016
منسق الإئتلاف
عبد الرحيم الجامعي