في شهر أبريل 2012، أقرت نداءَ الرباط مئاتٌ من الجمعيات التي تشتغل على مستوى التراب الوطني في مختلف مجالات انخراط الحركة الجمعوية الديمقراطية، بهدف اقتراح الأسس الضرورية للإصلاحات الحقيقية التي تمكن الحركة الجمعوية من المساهمة في الديمقراطية المؤسساتية والمجتمعية وتأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاجتماعية والسياسية غذاة الحراك الذي هز المنطقة وأدى في المغرب إلى اعتماد دستور جديد وتشكيل حكومة جديدة انبثقت عن انتخابات برلمانية مبكرة.
غير أن المفارقة الغريبة هي أنه في الوقت الذي يكرس فيه دستور 2011 دور الجمعيات والمجتمع المدني كفاعل أساسي وضروري في إعداد وتفعيل السياسات العمومية، علت أصوات داخل الحكومة مسنودة ببعض وسائل الإعلام محاولة التشكيك في العمل المنجز على مدى عقود من قبل الحركة الجمعوية.
لقد ترسخ دور الجمعيات في مجتمعنا بشكل كبير لا يمكن إنكاره، كقوة لليقظة والاقتراح، وكفاعل في تعزيز وحماية القيم الديمقراطية، وقيم حقوق الإنسان، وقيم المساواة، والنهوض بحقوق المرأة، وكذا كفاعل أساسي في التنمية يكمل أو يدعم، حسب الظروف، عمل السلطات العمومية في عدد كبير من القطاعات التي لا توليها هذه السلطات ما يكفي من الأهمية أو تدبرها بشكل سيء أو تتجاهلها، ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم (محو الأمية وتعميم التمدرس) وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، والتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، والطفولة المبكرة، والنهوض بحقوق المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، والحفاظ على البيئة، إلخ. ومن هذا المنطلق، جعل الدستور هذه الجمعيات سلطة مستقلة وقائمة بذاتها ومتنوعة لتكون فاعلا أساسيا في تنظيم السياسات العمومية.
ورغم ذلك، فإن الحركة الجمعوية ليست هي الدولة. ولا يمكنها ولا ينبغي لها أن تكون بديلا عن الدولة، ولا عن فروعها المتعددة على المستوى المحلي والجهوي. فغالبا ما تسعى أنشطتنا إلى تذكير الدولة بمسؤولياتها الخاصة من أجل حماية حقوق المواطن والمواطنة في الكرامة والخدمات العمومية الأساسية. وليست الجمعيات هي الصورة الرمزية للدولة ولا للأحزاب السياسية. فدورنا كفاعل، كما يعترف بذلك الدستور، هو التذكير بالقيم وتحديد أوجه القصور السياسي والاجتماعي، وإبراز سلطة قائمة بذاتها ومستقلة عن الدولة والأحزاب السياسية من خلال أنشطة تضامنية، والمشاركة في مراقبة وتقييم السياسات العمومية والمساهمة في إعداد سياسات عمومية مندمجة.
غير أن الملاحظ هو واقع مرير لا تلتزم فيه الحكومة بروح الدستور أو مقتضياته. وقد أفضى النقاش الوطني حول المجتمع المدني الذي ما فتئنا ندعو فيه إلى احترام التنوع والاختلاف، إلى برنامج حكومي تميز بهوس السيطرة الحزبية والأيديولوجية، مع تهميش الجمعيات التي ساهمت بقوة وعلى مدى عقود في الإصلاحات الهيكلية في البلاد، وبذلك أرجعنا بأكثر من 30 عاما إلى الوراء، وزرع جوا من الشك وعلاقات الصراع في وقت تحتاج فيه البلاد إلى كل قواها الحية لتكريس ديمقراطية حقيقية كفيلة لوحدها بتفادي العواقب المأساوية التي تعيشها بلدان أخرى في المنطقة.
فالمغرب ليس بمنأى عن أزمة عميقة تضرب عدة مجالات:
– أزمة تمثيل سياسي أمام خيبة الأمل المرتبطة بالانتخابات وحدود ديمقراطية التفويض، وهو ما جعل الحركة الجمعوية لا تكف عن الدعوة لدسترة الديمقراطية التشاركية من أجل إعادة بناء الثقة في المؤسسات وإعادة الأمل للنساء والشباب الذين يطمحون بقوة ويناضلون من أجل الوصول إلى مواقع صنع القرار والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية ؛
– أزمة اقتصادية أدت إلى توسيع الفوارق الاجتماعية، وتفاقم اقتصاد الريع والمحسوبية وولدت حركة واسعة من الاحتجاجات الاجتماعية (من أجل المطالبة بالشغل، والولوج إلى الخدمات العمومية المناسبة التي تحترم كرامة المواطن، ومن أجل حماية البيئة، ومكافحة الريع والفساد…) ؛
– أزمة اجتماعية: تصاعد العنف ضد المرأة، وارتفاع معدل الجريمة واغتصاب القاصرين وغياب المواطنة وتفاقم آفة الرشوة، وذلك في مناخ يتميز بانتشار الإفلات من العقاب والمساءلة، أمام تأخر إصلاح عميق للقضاء بشكل يعزز استقلاليته الكاملة؛
– أزمة قيم ومنظومة تربوية، علما أن القيم الديمقراطية وحدها، والقيم العالمية لحقوق الإنسان الممأسسة والمحمية بالقانون تشكل حصنا منيعا ضد الخطابات والسلوكات العنصرية والقائمة على التحيز الجنسي، وضد الدعوة إلى العنف والقتل، وإنكار التنوع الثقافي واللغوي في الواقع.
ومن هذا المنطلق وموازاة مع المشروع الحكومي، أطلق الموقعون على نداء الرباط، الذي يعد دينامية، مشاورة موسعة على مستوى الجهات بمشاركة جمعيات متجذرة بقوة في واقع المغرب المهمش، وكذا في المراكز الحضرية، مع تنوع المجالات التي تنخرط فيها والخيارات الإستراتيجية ومرجعيات البنيات، وفي ظل استقلاليتها عن مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية، وذلك من أجل التفكير في مقترحات الحركة الجمعوية الديمقراطية ومناقشتها و إثرائها، في إطار رؤية شاملة ومقاربة تشاركية تستفيد من غنى التجارب وكذا مساهمة الباحثين وتركز على ستة محاور أساسية :
1. قيم الديمقراطية ودولة الحق والقانون مع ما ينطوي عليه هذا المحور من تعزيز وحماية لحقوق الإنسان، والمساواة بين الرجال والنساء دون تحفظ، والحريات الفردية والجماعية، بما في ذلك حرية الوجدان، والنضال من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، ومن أجل الشفافية والحكامة الجيدة، واستقلال القضاء وسمو القانون، ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب، ومن أجل الحماية والحق في الحصول على المعلومة، والحق في الاستفادة من الخدمات العمومية الأساسية والرعاية الصحية والسكن اللائق والشغل والتعليم، والكرامة الإنسانية دون تمييز.
2. تفعيل التدابير المرتبطة بالمجتمع المدني التي نص عليها الدستور (الحق في تقديم العرائض، والمبادرة التشريعية الشعبية، والديمقراطية التشاركية، ومراقبة وتقييم السياسات العمومية، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الأعلى للأمن، ومؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة، والتنمية البشرية والمستدامة، والديمقراطية التشاركية، والهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز، ومجلس الجالية المغربية بالخارج الذي يسمح للمغاربة القاطنين بالخارج بالحفاظ على علاقات وثيقة مع هويتهم المغربية، وتفعيل التدابير الكفيلة بضمان حقوقهم وحماية مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة لبلدهم الأصلي وفي تقدمه؛ والآليات التشاركية للحوار والتشاور التي ينبغي “إحداثها من قبل مجالس الجهات ومجالس الجماعات الترابية الأخرى بغية تعزيز انخراط المواطنين والمواطنات والجمعيات في إعداد ومتابعة البرامج التنموية، وتفعيل المقتضيات الرامية إلى ضمان مشاركة أفضل للمرأة في هذه المجالس…”
3. البعد القانوني لحق الجمعيات : رغم التقدم المحرز على مستوى قانون الجمعيات المعتمد سنة 2002، فإن هذا القانون مازالت تطاله خروقات تمارسها السلطات ويعاني من عدة ثغرات ينبغي معالجتها وتصحيحها. ولن يتعلق الأمر بتقييد الحريات العامة، بل ينبغي العمل على توسيعها واحترامها من خلال إدخال مقترحات لحماية الفاعلين الجمعويين والاجتماعيين وكذا وضع إستراتيجية وطنية لتطوير وحماية وتشجيع العمل التطوعي.
4. البعد المالي والجبائي : مقارنة بالدول الأخرى، يتضح أن مساهمة الدولة مثيرة للسخرية وتتميز بالمحسوبية وأن الالتزامات الدولية في مجال تقديم المساعدات الرامية لتحقيق التنمية لا يحترمها إلا القليل من البلدان. وهذا ما يجعل المعركة ضرورية من أجل الحق في التمويل العمومي والدولي وتوسيعها بغية تحقيق الشفافية في إجراءات ومعايير الأهلية واحترام قواعد تدبير الأموال العمومية. وينبغي اتخاذ تدابير جبائية وتحفيزية على وجه السرعة، لأن ذلك سيساهم في توسيع إمكانيات العمل وسيساعد دون شك في الحد أو القضاء على كل المحاولات الالتفافية للقوانين الجائرة وغير المناسبة في المجال الجبائي.
5. البنيات الأساسية : نظرا للنقص الحاصل على مستوى البنيات التحتية التي تشتغل فيها الأغلبية الساحقة من الجمعيات، فإن هذه الأخيرة مدعوة للضغط على الدولة من أجل وضع وتنفيذ خطتها المتعلقة بالاستثمار في البنيات التحتية (مراكز الشباب، مراكز الاستقبال، الولوج إلى الأماكن العامة، المخيمات الصيفية…).
6. تعزيز القدرات : أصبح من العاجل حث الحكومة والضغط عليها من أجل وضع برنامج متناسق دون تضييع الأموال والجهود لتنفيذ خطة إستراتيجية لتكوين جيد للأطر الجمعوية والعمال الاجتماعيين.
وستمثل الجلسات الوطنية للحياة الجمعوية المرتقبة أيام 29-30 نونبر و1 دجنبر تتويجا لهذا المسلسل من المشاورات الجهوية وتنسيق مختلف الدراسات والمقترحات بشأن هذه المحاور الستة الأساسية التي تم تحديدها، وسيتم ترجمتها في مذكرة وربما في مشاريع قوانين تقدم، في إطار إستراتيجية متسقة، إلى الحكومة والبرلمان والمؤسسات الوطنية والأحزاب السياسية والنقابات والفاعلين الاقتصاديين ووسائل الإعلام والرأي العام الوطني من أجل الاعتراف بمقتضيات الدستور وتفعيلها.
5 نونبر 2013
المناظرة الوطنية “دينامية إعلان الرباط للجمعيات الديمقراطية” – بوزنيقة 2013
الأرضية بالعربية
الأرضية بالفرسية
البرنامج بالعربية
البرنامج بالفرنسية
إعلان بوزنيقة
مقالات
http://www.e-joussour.net/ar/node/13209
http://www.e-joussour.net/ar/node/13199
http://www.e-joussour.net/ar/node/13198
http://www.e-joussour.net/ar/node/13210
http://www.e-joussour.net/ar/node/13211
http://www.e-joussour.net/ar/node/13212
البلاغ الصحفي :
بالعربية : http://www.e-joussour.net/ar/node/13195
بالفرنسية : http://www.e-joussour.net/node/13194
بالانجليزية : http://www.e-joussour.net/en/node/13194
إعلان المناظرات :
http://www.e-joussour.net/ar/node/13202
البرمجة الإذاعية :
برامج خاصة على إذاعة جسور :
مائدة مستديرة حول الهجرة / من تنشيط غسان واءل القرموني :
https://soundcloud.com/ejoussour/emission-sp-cial-assises
مائدة مستديرة حول المناظرة الوطنية / من تنشيط محسن كمكوم :
https://soundcloud.com/ejoussour/emission-special-arabe-assises
مائدة مستديرة حول االأمازيغية / من تنشيط زهرة أوحساين :
https://soundcloud.com/ejoussour/emission-special-tamazight
ربورتاج الورشات المسيرة ذاتيا :
https://soundcloud.com/ejoussour/reportage-ateliers-assises
بالصور :
الجلسة الافتتاحية :
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.186160818246781.1073741834.182810061915190&type=3
الجلسة الختامية :
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.186184461577750.1073741835.182810061915190&type=3
الورشات المسبرة ذاتيا :
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.186152801580916.1073741833.182810061915190&type=3
الورشات – محاور عمل إعلان الرباط – :
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.186142901581906.1073741832.182810061915190&type=3
روابط مهمة :
المواقع الإلكترونية :
www.dynamiqueappelrabat.org
www.e-joussour.net
www.radio.e-joussour.net
www.espace-associatif.ma
الفيسبوك:
Appel de rabat
Ejoussour
فيديو :
Chaine ustream ” Appel de rabat “
Chaine Youtube ejoussour
للتحميل :
نشرة جسور الورقية – عدد الخاص –
ما تداولته الصحف
التقرير التحصيلي للقاءات الجهوية و المحلية
التصريح الصحفي بالفرنسية ( 14 ماي 2013)
التصريح الصحفي بالعربية ( 14 ماي 2013)
بلاغ دينامية إعلان الرباط حول الحوار الوطني بالعربية – ( 03 مارس 2013)
بيان مبادرة إعلان الرباط بالعربية ( 20 يوليوز 2012 )