من بورتو أليغري إلى تونس
لقد تم تنظيم أزيد من 50 منتدى، وندوة جهوية أو موضوعاتية في المنطقة منذ سنة 2002 ، أغلبها في المغرب، في حين يبقى نفور الجنرالات الجزائريين من الحركة الإجتماعية المغاربية قائما، أما ليبيا فلا زالت لم تخرج من العنف الذي وضع حدا للنظام الدكتاتوري للقذافي. مسار حافل من الاعتقالات، والحظر والقيود ولكنه يتحقق في تونس من أجل إعطاء نفس أكيد للمنتديات الاجتماعية.
إن المنتدى الاجتماعي العالمي لتونس، سيعقد ما بين 26 و 30 مارس في ظروف صعبة من كل النواحي : فهو يعقد في ظرف من العنف الذي وصل مراحل إجرامية في سوريا، وأزمات مؤسساتية، واقتصادات منهارة، وفوارق اجتماعية تهدد بالانفجار ، موروثة عن الأنظمة السابقة و استمرت في نهجها ( رغم الثورات ) أنظمة اسلامية محافظة اختارت تبني أنظمة نيوليبيرالية لا تنتج سوى الفقر، وانعدام العدالة، والبلقنة والحروب.
إن المنتدى الاجتماعي العالمي ينعقد في فضاء لا زال لم يحقق القطيعة مع أنماط المجتمعات القبلية والجماعات الدينية وفي جو من المواجهات الايديولوجية لم يسبق أن جربت في إطار المنتدى من قبل. إن الاسلام السياسي، والنقاشات والمقاربات المتباينة بسبب التجارب المعاشة ما بين آوروبا والمغرب-مشرق حول هذه الاشكالية وهذا الفاعل الجديد، بالاضافة إلى تناسل وظهور حركات اجتماعية جديدة كانت تعيش وتعمل في السرية وتفتقد للممارسة المشتركة والتشاركية والتي تمتلك فوق ذلك نزوعا قويا للاستقلالية، ولتأكيد على الهوية، كل هذه المعطيات تضع الديمقراطية والمواطنة في صميم تحديات المنتدى الاجتماعي العالمي.
إن الحركات التي خرجت للشوارع في العالم، مثل حركات ” الغاضبون”، “يونامار”، “لأندينيي”، ” المربع الأحمر “، بروح الثورة ضد الظلم، وضد الحرب، وضد الهيمنة على العالم من طرف رأسمالية مسعورة بسبب الأزمات، حركات خرجت في وقت واحد لترفض دفع ثمن الأزمة التي تأتي لتختلط مع الحركات الاجتماعية التونسية والمصريةوالفلسطينية، والمغاربية، والسورية، واليمنية والعراقية والتركية والأمازيغية، ومن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومن وأمريكا اللاتينية … لتجعل من هذا المنتدى فرصة لتسليط الضوء على النقاش الديمقراطي، وللتقارب من أجل تعزيز النضالات الإقليمية في سبيل الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية، و ربط الإشكالات المحلية بمنظور شامل ودولي من أجل عالم آخرممكن .
إن تنظيم المنتدى الاجتماعي في تونس هو في حد ذاته انتصار كبير إذا أخدنا بعين الاعتبار حجم المطروحة، ومحدودية الامكانيات، وانعقاده في جو من العنف والجريمةالسياسية، وتحت حكومات محافظة تريد تحقيق استمرارية الديكتاتوريات البائدة، ومع حركة اجتماعية مشتتة لكنها متقاربة من حيث نضالاتها وأهدافها، وحركة حزبية ديمقراطية منقسمة وهشة، وجماهير فقدت كل ثقة في المؤسسات وفي ما يسمى بالديمقراطية التمثيلية، وشباب على حافة اليأس مهددين بسقوط في العنق والانتحار من أجل عالم أفضل. وسيكون المنتدى أكثر نجاحا إذا تمكنا خلال أيامه الخمسة من استيعاب الحركات الاجتماعية الديمقراطية الجديدة، ولتفكيك وكشف ولو أقل القليل من تعقيدات الوضعيات السياسية والاجتماعية، وتوضيح التغيرات العميقة والاضطرابات التي يعيشها العالم، وفي تجسيد آمال الشعوب في الديموقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمواطنة الكاملة، عبر برنامج مشترك وأنشطة مشتركة.
كمال لحبيب
18 مارس 2013
-مترجم من الفرنسية –