الورقة التأطيرية
إذا كانت وضعية النساء المغاربيات تختلف من سياق لآخر، فإن التحديات، والقضايا والرهانات مشتركة. فرغم التقدم الحاصل على مستوى العديد من المنجزات، فإن وضعية النساء تبقى هشة، بل مقلقة في حالات عديدة. التغيرات على مستوى الخصوصيات في المنطقة المغاربية ودور النساء في خلق الثروة دفع النساء للمطالبة بحقوقهن على المستوى التشريعي والترافع من أجل تغيير الممارسات، مما مكن من إبراز التمييز والإقصاء الذين هن ضحية لهما. وهكذا فقد اشتغلت الجمعيات النسائية منذ زمن طويل عن طريق التشبيك،خصوصا بتونس ، الجزائر والمغرب. فعلى منوال تحالف 95 للمساواة، تعبئة النساء وتنظمن حول نضالات مشتركة. هذه التعبئات مكنت من إبراز الحركة النسائية، وإخراج قضية النوع الاجتماعي من العزلة، وربح معارك خصوصا في الميدان التشريعي، وخلق وتقوية شبكات، وتضافر الجهود، وإقامة شراكات وطنية وإقليمية، ووضع إستراتيجيات مرتبطة بعدالة النوع الاجتماعي….الخ.
منذ 2011،ذكرت العديد من التحركات الشعبية بالدور الحاسم للنساء في التعبئة الجماعية من أجل الحقوق الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية. وبمطالبهن، و بقوة تعبئتهن، وآليات اشتغالهن، وتوظيفهن لوسائل التواصل الاجتماعي…الخ، وسلطت هذه التحركات الضوء من جديد على الدور السياسي والاجتماعي للنساء، إضافة إلى أن ضمان حقوق النساء ضروري لتحقيق عدالة اجتماعية مستدامة.
في أفق فضاء اقتصادي مغاربي، يفترض سياسات إقليمية للتشغيل ولتنقل الأشخاص، وأخذا بعين الاعتبار الدور الحاسم الذي تلعبه النساء في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يبقى كأولوية أساسية اتخاذ قرارات وإجراءات خاصة تتلاءم مع حاجيات وواقع النساء ، اللائي تواجهن في الفضاءات الخاصة والعامة وأماكن العمل بشكل خاص التمييز بين الجنسين وأنواع أخرى من العنف تسبب من الناحية السوسيو اقتصادي فوارق كبيرة والاستغلال، وعدم تكافؤ الفرص على المستوى المهني، وتدني الأجور، والهشاشة، وغياب الحماية القانونية أو النقابية، مما يعرض النساء لمزيد من التحرش، والترهيب والعنف بمختلف أشكاله. وفي هذا الإطار من المهم التساؤل حول انعكاسات، ورهانات وآفاق النضال من أجل حقوق النساء في البناء المغاربي، وفي أي إطار يمكن أن يكون الاندماج المغاربي رافعة للنضال من أجل حقوق النساء؟ المنتدى يأتي ضمن هذا السياق الخاص حيث نضال النساء يخضع لامتحان عسير.
رهانات لقاء كهذا متعددة ، فمن جهة سيجمع فاعلات وفاعلين مغاربيات ومغاربيين متنوعين حول هذه الاشكالية ، مثل جمعيات وشبكات الدفاع عن حقوق النساء، حقوق الإنسان، الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية والبيئية، النقابات والقطاع الأكاديمي والبحث العلمي،تعزيزا للمقاربات المتعددة زوايا النظر والتحليل(السوسيولوجية، السياسية، الانتروبولوجية،القانونية، الديمغرافية، التاريخية والاقتصادية). ومن جهة أخرى، واعتبارا لكون كل الدول المغاربية تقريبا انخرطت في نفس الآليات الدولية والمواثيق والعهود الأممية، الإفريقية، والعربية ذات الصلة بحقوق النساء، فإن هذا اللقاء سيسمح بالقيام بقراءة نقدية لالتزامات هذه الدول وأجوبتها، وتحديد ومناقشة الخبرات والآليات والوسائل التي تتوفر عليها منظمات المجتمع المدني من أجل المساهمة في التسريع بالمصادقة على القوانين، والميكانيزمات والممارسات الفعلية المتلائمة مع الالتزامات الوطنية والدولية في مجال المساواة، والمناصفة والنضال ضد كل أشكال التمييز اتجاه النساء. وفي الأخير فإن هذا المنتدى سيعزز تبادل المعارف والتجارب التي يمكنها أن تعطي انطلاقة أخرى للحركة النسائية على المستوى المغاربي في أفق خلق قوة اقتراحية من أجل اندماج مغاربي يقوم على المساواة بين النساء والرجال.
اشكالية النوع الاجتماعي في المنطقة المغاربية تدفعنا إلى التساؤل حول علاقة التمفصل بين الفضاء الخاص والفضاء العام، والوضع القانوني للنساء في الإطار التشريعي والمؤسساتي، والولوج للحقوق الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والبيئية، وموقع النساء في السياسة والإعلام، والعنف والتمييز المبني على النوع، أخذا بعين الاعتبار مقاربة النوع في السياسات والقوانين، والمقاربات الجديدة للنوع عند الشباب من أجل الحريات الجماعية والفردية…الخ. فالحركة النسائية المغاربية تخوض منذ الستينيات معارك ضارية من أجل المساواة، نجمت عنها أحيانا صراعات أهلية بالمغرب. هذه الحركات التي قامت بتشخيصات وبلورة مقترحات كان لها آثار إيجابية لكنها غير كافية، بل في تراجع. يتعلق الأمر بالعودة إلى هذا المسار وجرد الحصيلة، من أجل تحديد سبل النضالات المشتركة التي من شأنها الإسهام في اندماج مغاربي يأخذ بعين الاعتبار في مساره مقاربة النوع الاجتماعي.
مجموع هذه العناصر أساسية لفهم السياق، والعوائق التي تواجهها النساء في المنطقة المغاربية وتحديد الرهانات والفرص المتعلقة بمسألة النوع الاجتماعي في المنطقة المغاربية.
مقاربة: من خلال جلسات عامة، و ورشات، ولحظات للتقارب والتلاقي، سيتم تناول هذه الموضوعات من الزاوية النظرية والعملية، مع مصاحبتها بتفكير مشترك حول طرق العمل الممكنة وآفاق دور الحركات النسائية في الاندماج المغاربي.
هذا المنتدى له ذو هدف ذو أبعاد ثلاثية:
Ü بلورة توصيات ومقترحات ملموسة لكي يدمج الحكام منظور النوع الاجتماعي(حقوق النساء والمساواة بين الجنسين) في السياسات العمومية، ووضع آليات حماية حقوق النساء والمساواة بين الجنسين وضمان احترامها.
Ü تحسيس ديناميات المجتمع المدني المشاركة(جمعيات وشبكات الدفاع عن حقوق النساء، حقوق الإنسان، الحقوق الاقتصادية،الاجتماعية، الثقافية والبيئية،الحركات الاجتماعية، النقابات، القطاع الأكاديمي والبحث العلمي) بضرورة إدماج مقاربة النوع في كل المستويات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والبيئية…الخ. وتحديد طرق الاشتغال لتطوير و/ أو تحسين ممارساتهم في مجال النوع الاجتماعي.
Ü تبادل المعارف، والممارسات الفضلى والتجارب في مجال النوع الاجتماعي بالمنطقة المغاربية من أجل مرافقة التفكير حول سبل العمل المشترك.
مسار التفكير هذا والنقاشات ستمكن من تسليط الضوء على الإمكانات ودور الحركات النسائية من أجل اندماج مغاربي يأخذ بعين الاعتبار الرهانات ذات الصلة بحقوق النساء. هذا اللقاء سيمكن من إضاءة بناءة لدور النساء في التنمية المغاربية. كما سيمكن منظمات المجتمع المدني من تعزيز معارفها وتبادل تجاربها. وفي الأخير فمن خلال تعبئة فاعلات وفاعلي المجتمع المدني، سيمكن لهذا المنتدى أن يعزز اندماج مغاربي يأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي.