منذ أن تم تأجيل البث في قانون العنف لأزيد من سنتين ونصف، لتدارك النقص المسجل فيه، تمكنت أخيرا الوزارة الوصية عن الملف من عرضه على المجلس الحكومي والمصادقة على الصيغة الثانية، التي كل ما يمكن القول عنها أنها أسوأ من التي سبقتها وأضعف منها، مما يشير إلى تراجع آخر وخرق للنص الدستوري في حلقة أخرى تنضاف إلى مثيلاتها (القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛ مشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛ مشروع القانون المتعلق بمحاربة الاتجار بالبشر…إلخ )، ويؤكد أن الحكومة المقبلة على إنهاء ولايتها غير مدركة لجسامة مسؤولياتها ودورها في القضاء على العنف اليومي المتعدد الأشكال الممارس ضد النساء.
إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، شأننا شأن الجمعيات النسائية والحركة الحقوقية، وقبلنا الناجيات من العنف وأسر الضحايا كنا نراهن على قانون يضمن الانتصاف ويحقق الكرامة ويجبر الضرر ويكفل عدم الإفلات من العقاب ويكون، فضلا عن ذلك، وسيلة لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والمساواة والمواطنة، غير أن الحكومة سارت في درب تجاهل كل هذا مصادقة على مشروع قانون واه، معتبرة إياه إنجازا تاريخيا.
وعليه، فإن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين بشدة مصادقة الحكومة على مشروع القانون 103.13 وتعلن رفضها المطلق لصيغته الحالية لأنه مشروع :
ü يعلن التطبيع مع العنف من خلال إدخال مقتضيات الصلح والوساطة في جرائم العنف ضد النساء ويفتح المجال واسعا للإفلات من العقاب؛
ü يغيب مسؤولية الدولة في محاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال عدم إقرار العناية الواجبة الذي يفترض أن يستحضرها قانون من هذا النوع وكذا الشروط الدنيا لمناهضة العنف ضد النساء وفقا للأدبيات والمعايير المعمول بها دوليا؛
ü يرسخ القبول الاجتماعي للعنف ضد النساء ويكرس الخرق المستمر لحقوقهن.
إننا أمام هذا الوضع الذي لازال فيه العنف القائم على النوع الاجتماعي يهيكل ويخترق العلاقة بين النساء والرجال وينظم العلاقات، بما فيها الزوجية، ويطال أزيد من ثلثي المواطنات المغربيات، يصعب أن نوهم المغربيات والمغاربة بمشروع قانون لا يحمل مقتضيات ولا تدابير جديدة بشأن مناهضة العنف سوى الاسم وأن نتغاضى حول التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي أن تؤديها النساء وأثرها على الاقتصاد الوطني، فكم يلزمنا من ضحايا العنف لتحريك الإرادة السياسية للمواجهة الفعلية للعنف بقانون يحقق الغرض منه؟
ومن هذا المنطلق، ولأن المغرب الذي نريده، هو مغرب المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، واعتبارا لكون حقوق النساء ليست مجالا للمزايدات السياسوية بل هي قضية مجتمعية وشرط أساسي للتنمية والديمقراطية ببلدنا، فإننا نطالب في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب السلطة التشريعية بإعادة النظر في التصور العام لهذا المشروع على أساس منصف للنساء، وداعم لوصولهن لحقوقهن وضامن لتمتعهن بها، حتى تجد القيم الأسرية والمجتمعية التي يتحدث عنها الجميع، من محبة وتعاون واحترام متبادل وتضامن، مجالا للتطبيق بدل دورة العلاقات السلطوية التي تولد الخوف وتضفي المشروعية على العنف وتعيد إنتاجه.
الرباط، 24 مارس 2016