عقد المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء 30 غشت 2017، بالمقر المركزي للجمعية بالرباط، اجتماعه الدوري العادي، والذي تزامن مع إحياء اليوم العالمي ضد الاختفاء القسري، في ظل أوضاع تتسم في المغرب بتواصل الاعتقالات السياسية والتعسفية، وعدم الكشف عن مصير المختطفين مجهولي المصير في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، واستمرار إفلات المسؤولين المتورطين فيها من العقاب، بل وتثبيتهم في مراكز المسؤولية حماية وتحصينا لهم من كل مساءلة أو متابعة؛ فيما لم يجر تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الموضوع للكشف عن الحقيقة، وضمان عدم تكرار جرائم الاختطاف والاعتقال التعسفي.
وقد توقف اجتماع المكتب المركزي، بشكل خاص، عند ما تشهده الأوضاع الحقوقية من انتكاسة خطيرة ببلادنا، تنذر بالأسوأ حسب التقارير الحقوقية والتحاليل السياسية الوطنية منها والدولية؛ وذلك نتيجة اختيار الدولة التركيز المزدوج، القائم من جهة على تمرير كافة المخططات والسياسات التراجعية التي تقوض التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ ومن جهة أخرى، مواصلة الاعتماد على المقاربة الأمنية كخيار، وحيد وأوحد، لمواجهة الاحتجاجات المتزايدة والمتسعة رقعتها؛ بسبب ما يعيشه المواطنون والمواطنات، في العديد من المناطق، من فقر وتهميش، وخصاص في البنى التحتية والتجهيزات الأساسية؛ من شبكات الطرق، والماء الشروب والكهرباء، ومؤسسات التعليم، والمستشفيات والسكن اللائق؛ وبفعل انسداد الأفق أمام الشباب المغربي، إن على مستوى التعليم الجيد، أو على صعيد الحصول على الشغل الكفيل باكتساب القوت اليومي وتوفير العيش الكريم؛ حيث يتأكد، يوما بعد آخر، تبني الدولة لهذا الخيار عبر قمع الاحتجاجات، واعتقال النشطاء الشباب بالمئات، وفبركة الملفات وتزوير المحاضر، وتسخير القضاء لاستصدار أحكام قاسية وجائرة، في محاكمات تنتفي فيها معايير المحاكمات العادلة، ويتم فيها تجاهل تصريحات المعتقلين حول تعرضهم للتعذيب، والإرغام على توقيع محاضر لا يتم تمكينهم من الاطلاع عليها وقراءتها.
وبعد استنفاذه لنقط جدول أعماله قرر المكتب المركزي تبليغ الرأي العام، بخصوص بعض القضايا، ما يلي:
- على المستوى الإقليمي والدولي وحقوق الشعوب:
– إدانته الشديدة للعمليات الإجرامية والإرهابية بكل من إسبانيا والصومال وفنلندا، التي خلفت العديد من الضحايا؛ من قتلى وجرحى وسط المارة والمتجولين والسياح، وللعملية الإرهابية العنصرية ضد متظاهرين مناهضين للعنصرية بولاية فرجينيا الأمريكية؛
– انشغاله مما تتداوله وسائل الإعلام وبعض التقارير الدولية في شأن ما تتعرض له طائفة “الروهينغيا” المسلمة في بورما، من اضطهاد وتمييز، وعقاب جماعي وصل حد التقتيل والتشريد على يد الجيش البورمي، مطالبا الأمم المتحدة والمنتظم الدولي بتحمل مسؤولياتهما في هذا الباب؛
– اطلاعه على تقرير منظمة الصحة العالمية، حول وباء الكوليرا في اليمن، والذي أصاب أكثر من نصف مليون شخص وتسبب في وفاة حوالي 2000 شخص، منذ 4 أشهر؛ أكثر من 40 في المائة منهم أطفال، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية؛ وتحذير المنظمة من خطر الانتشار السريع للوباء، جراء الأوضاع الصحية والبيئية المتدهورة، وانعدام شروط النظافة والمياه بالنسبة لملايين اليمنيين، بسبب التدمير الذي تلحقه الحرب المفروضة على الشعب اليمني بالبنى التحتية.
- على المستوى الوطني:
– أسفه وغضبه الشديد لفاجعة مصرع ثلاث مواطنات مغربيات، يوم 28 غشت، بمعبر “تراخال” بباب سبتة المحتلة؛ جراء ظروف المرور التي تفرضها شرطتا الحدود وتعاملها اللاإنساني مع المواطنات والمواطنين المرتبطة سبل عيشهم بالتنقل بين سبتة المحتلة وتطوان، داعيا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في توفير الأمان للمواطنين وسبل العيش الكريم التي يقيهم من الأشغال الحاطة من الكرامة والمهددة لحياتهم؛
– تنديده بمسلسل الاعتقالات الانتقامية، والمحاكمات غير العادلة، والأحكام الجائرة في حق المئات من نشطاء الحراك في الريف، وشجبه للقمع والعنف الذي تواجه به الدولة الحركات الاحتجاجية بالعديد من المناطق، وإدانته لمتابعة الطفل عبد الرحمن العزري، البالغ من العمر 14 سنة، في حالة اعتقال على إثر مشاركته في المسيرة الجنائزية للشهيد عماد العتابي، في تحدّ تام لاتفاقية حقوق الطفل والقوانين المتعلقة بالأطفال الجانحين؛
– استنكاره للأحكام المتناقضة والقاسية، التي قضت بها المحاكم في كل من الحسيمة والناظور:
o إصدار استئنافية الحسيمة أحكاما قاسية في حق 9 شبان، حيث أصدرت حكما ب 20 سنة سجنا في حق الشاب جمال أولاد عبد النبي، ذي 19 سنة، الساكن بمدينة آيت بوعياش، في محاكمة انتفت فيها شروط المحاكمة العادلة وتبنت فيها المحكمة محضر الضابطة القضائية، رغم إنكار الشهود ما دوّن فيها ونفي المعتقل جمال ولاد عبد النبي تمكينه من الاطّلاع عليه قبل التوقيع؛
o إصدار المحكمة الابتدائية بالناظور، يوم الجمعة 25 غشت 2017، أحكاما تراوحت بين البراءة والإدانة بالحبس النافذ بشهر وشهرين، والحبس موقوف التنفيذ والغرامة المالية في حق 21 ناشطا؛ حيث قضت في حق الستة المتابعين في حالة اعتقال بشهر نافذ مع غرامة مالية قدرها 2000 درهم، وفي حق خمسة متابعين في حالة سراح بالبراءة، وبالحبس موقوف التنفيذ لثلاثة معتقلين وأربعة قاصرين مع غرامة مالية قدرها 1000 درهم؛ فيما أدانت المحكمة معتقلا واحدا بشهرين نافذين وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، ومتعت المعتقلين عبد الصمد الغرماوي وبلال أولاد كنون بالسراح المؤقت مقابل كفالة مالية قدرها 10000 درهم لكل واحد منهما؛ وقضت، في حكم قاس، على الناشط الحقوقي محسن العلاوي على إثر مشاركته في حراك الحسيمة، يوم 20 يوليوز 2017، بالسجن سنة نافذة…؛
– شجبه للقمع والعنف والاعتقالات التي طالت العديد من المناضلين الطلبة والمعطلين والحقوقيين ونشطاء الحركات الاحتجاجية: اعتقال عدد من الشباب بمدينة العروي، يومي 12 و15 غشت، فاق عددهم 20 معتقلا، عقب مشاركتهم في وقفة تضامنية مع معتقلي الحراك بالريف؛ اعتقال واستنطاق نشطاء الحراك ببركان، يوم 17 غشت، على خلفية صدور نداء لتنظيم وقفة احتجاجية وتضامنية مع معتقلي حراك الريف؛ اعتقال 6 نشطاء وإطلاق سراحهم بمدينة العيون الشرقية إثر تنظيم وقفات، يومي 14 و15 غشت، من أجل المطالبة بالحق في التنمية وبحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وديمقراطية وتضامنية مشروعة؛ اعتقال المعطلين قدراوي وحكوم من أمام مقر عمالة إقليم فجيج ببوعرفة، واقتيادهما إلى مركز الشرطة ببوعرفة، يوم 18 غشت؛ استمرار الاعتقالات في صفوف طلبة مراكش بناء على محاضر استنادية تعود لماي 2016، آخرها اعتقال محمد آيت حجاج بدمنات، يوم 18 غشت، وإحالته على محكمة الاستئناف بمراكش في حالة اعتقال؛ اعتقال مجموعة من مناضلي الحركة الطلابية بوجدة والحراك الشعبي بالعديد من مدن الجهة الشرقية: ميمون أزناي وزكريا أزناي من الناظور، ميمون العوني وعبد الله معراض وياسين أولالي من مدينة العيون الشرقية، محمد لاركو من مدينة بركان، علاء بوطيب من مدينة وجدة…؛
– رفضه لاعتقال ومتابعة ناشطين إعلاميين وصحفيين ومدونين بمقتضيات القانون الجنائي أو قانون مكافحة الإرهاب: عبد الكبير الحر: مدير موقع رصد المغربية، حميد المهدوي: مدير موقع بديل، ربيع الأبلق: مراسل موقع بديل، عادل لبداحي: مراسل موقع/جريدة ملفات تادلة، عبد العالي حود: «araghi.tv»، جواد الصابري ومحمد الأصريحي: موقع ريف 24…، ومطالبته بإطلاق سراحهم وتمكينهم من ممارسة مهامهم الصحفية والإخبارية بكل حرية، وحماية حقهم في الأمان الشخصي والسلامة البدنية أثناء القيام بمهامهم؛
– تأكيده على أن المقاربة المبنية على احترام الحقوق والحريات، والرامية إلى الاستجابة لحاجيات المواطنين والمواطنات، والإنصات إلى مطالب الحركات الاحتجاجية، وفتح الحوار الجاد حولها، وسن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرامية إلى تحقيقها، وحدها الكفيلة بالحد من الاحتقان الاجتماعي الذي أنتجته السياسات الحكومية الغارقة في تنفيذ توصيات وإملاءات الدوائر المالية المتنفذة دوليا، ومنح المزيد من الامتيازات الضريبية والريعية للشركات الإمبريالية وامتداداتها في المغرب؛
– دعوته إلى فتح تحقيق في وفاة المواطن عبد الحفيظ الحداد نتيجة الاختناق بسبب استنشاقه للغازات المسيلة للدموع، والتي دخل على إثرها في غيبوبة تامة بقسم الإنعاش بمستشفى محمد الخامس بالحسيمة، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة يوم 18 غشت داخل المستشفى بمدينة وجدة؛ وفي وفاة المهاجر من غينيا بيساو ” يادا سيلفا فريديريكو” بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، ليلة 9 غشت 2017، والذي كان يقضي عقوبة حبسية بسجن راس الماء المحلي؛ وإلى الإفراج عن نتائج التحقيق في وفاة الشهيد عماد العتابي وشريط الفيديو حول تصوير المعتقل السياسي ناصر الزفزافي عاريا وهو رهن الاعتقال؛
– مطالبته بفتح تحقيق محايد ونزيه ونشر نتائجه حول ظروف وفاة المواطن إلياس الخنفري، صباح يوم 29 غشت 2017، لدى مصالح الأمن بآسفي بعد توقيفه وتعريضه للتعنيف من طرف دورية للشرطة، كان قد طالب بتدخلها في حق شخص تسبب في إزعاج للسكان ليلا، حسب شهادات أفراد من أسرته وبعض الجيران، مع ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية في حق من ثبت تسببه في إيذائه أو وفاته؛
– مطالبته بفتح تحقيق حول ظروف وملابسات وفاة المواطن علال اليعقوبي، المستخدم باتصالات المغرب، بعد تعرضه لاعتداء لفظي وجسدي من طرف مسؤول بولاية طنجة يوم 22 غشت 2017، في صورة أخرى من صور الممارسات السلطوية، وفي تحد صارخ للقوانين والكرامة الإنسانية، مع ما يستلزم ذلك من نزاهة، وإعلان عن النتائج، وإقلاع عن ظاهرة الإفلات من العقاب؛
– استفساره عن دواعي تدخل قوات الأمن صبيحة، يوم الأربعاء 30 غشت الجاري بجماعة الزراردة إقليم تازة، ومنع الرفيق العياشي تاكركرا عضو المكتب المركزي للجمعية وسيارة الأجرة، التي كانت تقلّه من الوصول إلى مركز الجماعة للقيام بمهامه الحقوقية في مجال الرصد والمتابعة؛ وهو التدخل الذي مارست خلاله القوات العمومية العنف والاعتقال لتفكيك معتصم لسكان عدد من الدواوير، كانوا يقيمونه أمام مقر الجماعة، منذ ما يزيد عن شهر ونصف، من أجل مطالب اجتماعية تتعلق بالتزويد بالماء والكهرباء وفتح المسالك الطرقية لفك العزلة عن بعض المناطق، وكذا بالحق في الصحة والتعليم وتحسين الخدمات بالجماعة؛
– استنكاره لاستمرار التضييق الممنهج على الحركة الحقوقية المغربية والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان والجمعية بالخصوص؛ حيث تم منع فرع مراكش المنارة من استعمال قاعة البلدية يوم فاتح يوليوز؛ ورفض تسلم ملف تجديد مكتب فرع تاوريرت؛ ومنع ندوة فكرية حول تاريخ قبيلة الزيايدة، التي كان سينظمها نادي القلم، يوم 12 غشت ببنسليمان؛ اعتقال والتضييق على مسؤولين وأعضاء في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: اعتقال الرفيق سعيد قدوري عضو اللجنة الإدارية قبل الإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح، واعتقال ومتابعة الرفيق عبد الحكيم ازحمد عضو مكتب فرع جهة الشرق، واستدعاء الرفيقين محمد علاي وحسن السرغوشني من طرف الأمن بوجدة، واستمرار متابعة محمد حلحول الرئيس السابق لفرع المضيق وأحمد البياري عضو نفس الفرع ومضايقة، واستفزاز عائلة الرفيق عبد العزيز السلامي رئيس فرع الجمعية بأكادير…؛
– اطلاعه على التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية، المنشور على موقعها الإلكتروني، الذي جاء فيه أن عددا من المسيحيين المغاربة أكدوا في حديثهم لمعدّي التقرير على أن الأجهزة الحكومية المغربية ضغطت عليهم من أجل التخلي عن عقيدتهم، وأن المسيحيين المغاربة والمسلمين الشيعة عبروا عن تخوفهم من التعرض “للتحرش الحكومي”، إذ إن الضغط الذي يمارس عليهم جعل عددا منهم يمتنع عن ممارسة شعائره في الأماكن العمومية، والاضطرار إلى ممارستها بشكل سري في البيوت؛
– قلقه بخصوص وضعية المغاربة العالقين بليبيا والراغبين في العودة لأرض الوطن، والذين لا يتوفرون على وثائق إثبات هويتهم وجوازات سفرهم، أمام تخوف السلطات نظرا لحساسية الملف وطبيعته الأمنية؛
– متابعته لعملية اعتقال أمن تمارة يوم 6 غشت، لعصابة قامت باختطاف امرأة حامل بجماعة مرس الخير واغتصابها بشكل جماعي بغابة قرب حي المنزه بالرباط؛
– تنبيهه إلى خطورة توالي حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال؛ ومطالبته بفتح تحقيق حول انتحار قاصر (ن.ح) ضحية اغتصاب جماعي من طرف أربع أشخاص، بتاريخ 21/01/2016 بمراكش، بعد أن قضت غرفة الجنايات الابتدائية، بتاريخ 21/04/2016، بعدم مؤاخذة المتهمين من أجل المنسوب إليهم وقضت بتبرئتهم، مما خلف للضحية انهيارا نفسيا بليغا تسبب في انتحارها.
- بخصوص القضايا الداخلية للجمعية والأنشطة المبرمجة:
– متابعته للوضعية التنظيمية للفروع، ولتجديد عدد من مكاتب الفروع المحلية والجهوية؛ مسجلا استمرار السلطات في خرقها للقانون واحتقارها للقضاء برفض تسلم ملفات التجديد وتسليم الوصل عنها لفروع الجمعية؛
– مواصلته تنفيذ خطة تأهيل الفروع المحلية وعقد الزيارات التنظيمية للفروع الجهوية والمحلية للجمعية؛
– تخليده لليوم الدولي لمحو الأمية “8 شتنبر”؛ ويوم الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب “12 شتنبر”؛ ولليوم الدولي للديمقراطية “15 شتنبر”.
المكتب المركزي
الرباط، في 30 غشت 2017