يعد اليوم العالمي للبيئة، اليوم الكبير الوحيد المكرس للعمل الإيجابي من أجل البيئة عبر العالم، ويُخلد في 5 يونيو من كل عام، تحت شعار يتم انتقاؤه بعناية كبيرة، حسب الإشكالية التي تعتبر آنية وملحة من طرف برنامج للأمم المتحدة للبيئة؛ حيث سيتم الاحتفال هذه السنة بهذا اليوم تحت شعار: “مدن خضراء خطة من أجل كوكب الأرض”؛ علما بأن هذا اليوم جرى الاحتفال به لسنوات عديدة من أجل الاثارة المنتظمة للأسئلة الأساسية المرتبطة بحماية البيئة وتأثيرها على نوعية حياة الناس والبقاء على قيد الحياة على كوكبنا
وقد حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة قائمة من النقط السوداء، التي يجب القيام بجهد كبير على وجه السرعة لمعالجة الوضعية الحالية، منها:
•مكافحة استنفاذ الأوزون؛
•مكافحة إزالة الغابات؛
•الحفاظ على نوعية إمدادات المياه؛
•مكافحة التصحر والجفاف.
وكما جاء في تقرير اليونيب فإن عددا قليلا من هذه الأهداف، قد تم الوفاء به، حيث دق جرس الإنذار بمناسبة مؤتمر ريو+ 20 ، لذلك فإننا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نعتبر موضوع “الحق في الأرض”؛ كما يتجسد في الصراع حول “الأراضي الجماعية”: (العرائش، الغرب، كيش لوداية، ايميضير، بنصميم،…)، و”الحق في الموارد”، تمثل التحول القسري، مدعوما بسياسات نيولبرالية للدولة، من نظام للإنتاج الجماعي مبني على التدبير الجماعي للأراضي والموارد إلى خوصصة لفائدة التعمير واستغلال الأراضي والموارد، وهي تحولات تنتج كسورا اجتماعية وبيئية مؤسفة مثل:
الاستحواذ على أراضي خصبة لفائدة التعمير؛
هجرة قروية غير مراقبة، تفقير، تكاثر مدن الصفيح الحضرية، قلة الاندماج،…؛
الاستغلال المفرط للموارد والأراضي بدون عوائد لفائدة الساكنة المجاورة.
الأمر الذي يستلزم ضرورة أخذ البعد البيئي بعين الاعتبار على كل المستويات، أي تحسين رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية، في نفس الوقت الذي يتم فيه تخفيض المخاطر البيئية والنقائص الايكولوجية؛ وهو ما لا توفره في الواقع السياسات العمومية، إذ لا توجد قيود متعلقة بتدبير النفايات الطبية لدى المصحات الخاصة، ولا تعالج المياه العادمة في محطات المعالجة، ولا تحترم الكوطا في الصيد والراحة البيولوجية لضعف وسائل المراقبة…؛
وإذا كان من البين أن قمة المناخ في باريس أظهرت جلياً مدى قوة الخطاب البيئي ودبلوماسية البيئة، وقدرتها على توحيد الأمم وقادة العالم والمجتمع المدني لحماية الأمن الإنساني-البيئي، فإن الاتفاق المترتب عنها يفرض جملة من الالتزامات على كافة الدول؛ مثل: التكيّف، وتخفيف آثار التغير المناخي، ودعم الدول النامية، ونقل التقنية النظيفة للحد من حرارة الكوكب بما لا يزيد عن درجتين مئويتين أو أقل لغاية عام 2050؛ غير أن هذا الاتفاق وقد حدد مبدأ العدالة والمسؤولية المشتركة، لكن المتباينة للحد من التلوث، إلا أن ربطه بين عدالة المناخ وحقوق الإنسان لم يرد إلا في المقدمة.
لذلك فإننا نعتبر أن جوهر المشكلة البيئية مرتبط بنمط التنمية والاستهلاك والإنتاج الذي أدى إلى تدهور الأنظمة البيئية، نتيجة سيادة نسق من التفكير ونمط من التنمية يعتمدان مبدأ النمو لأجل النمو، والتشجيع على الاستهلاك المفرط؛ مما يعني أن الابقاء على نفس وتيرة النمو هو الذي أدى إلى تردي أحوال الحياة الإنسانية، المتمثّلة في ازدياد هوة الفقر والجوع والتلوث؛ كما أنّ عولمة السوق الاقتصادية، تستدعي إيجاد آليات مناسبة للمجتمع المدني للتعبير عن الرأي الآخر بحرية، ونقد المجتمع والسياسات العامة، على اعتبار أن كل هذه الإجراءات تُشكِّل صمام أمان اجتماعي وثقافي يُسهِم في خدمة المهمَّشين والفقراء، ويساعد على بناء منظومة متناغمة للاقتصاد والثقافة البيئية.
والمغرب يتأهب لتنظيم مؤتمر الأمم المتحدة المقبل حول المناخ (كوب 22)، الذي ستحتضنه مراكش من 7 إلى 18 نوفمبر 2016، فإنه ينبغي التذكير بأن هناك مجموعة من التحديات والرهانات التي ستعرفها هذه القمة، لأنها ستكون “قمة العمل والتنفيذ الفعلي لاتفاق باريس”؛ بحكم أن قمة باريس التي تعد “قمة اتخاذ القرار”، أسفرت عن نص صعب جدا، بعد التوافق الحاصل بين الدول الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية؛ ذلك أنه بالرغم من أهـمية وجود ترسانة قانونية دولية ووطنية ملزمة لحماية البيئة، إلا أن ذلك لا يكفي، إذ لا بد من إشراك المنظمات والهيئات المحلية، في خطط وبرامج هذه التظاهرة العالمية الهامة، وكذلك تسهيل التعبئة السياسية والاستراتيجية للتحالفات الموجودة على الصعيد الوطني والعالمي لتنفيذ مبادراتها وإيصال مواقفها المتصلة بالتغيرات المناخية.
وعليه فإننا في الجمعية نؤكد على أننا بأمس الحاجة إلى تطوير فكر جديد لحساب تلوث المناخ، بحيث يتعين ادراج الاستهلاك ضمن المعادلة، لأن العديد من السلع يتم إنتاجها في دول خارج الدول المستهلكة؛ فيما تعني حماية كوكب الأرض بالضرورة أن علينا جميعا التحلي بأخلاقيات عمارة الكون، التي تتطلب توازنا محكما بين رأس المال الاجتماعي والانساني والطبيعي، حتى لا نثقل كاهل الأرض بمخلفات تفضي إلى حرمان الجيل الحالي والقادم من الحق في بيئة سليمة.
إن البيئة مشكلة كل الإنسانية، ولا تقتصر على أشخاص، ومن أجل تنمية مستدامة وحماية البيئة من المخاطر التي تهددها، ينبغي أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية في هذا الاتجاه وخصوصا الحفاظ على موارد البحار والمحيطات، لأنها تمثل المورد الوحيد للعيش والتغذية، لدى بعض المجتمعات، منها المغرب، وتشجيع التعاون الدولي والحوار، والنمـو، والاستقـرار، والسلم، والأمـن في مختلف دول العالم.
وإذ لا يفوتنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التعبير عن استيائنا لعدم التزام الدولة المغربية بواجباتها في المجال البيئي، وعدم مواكبتها للتحولات والتغيّرات التي يعيشها المجتمع المغربي، وتقاعسها عن التفاعل إيجابيا مع متطلبات المرحلة وانتظارات المواطن المغربي، الذي ضاق صدره من التهميش والحكرة وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، فإننا نعلن للرأي العام المحلي و الدولي ما يلي:
ضرورة تمويل الملاءمة الفلاحية خصوصا بإفريقيا مع نتائج التغيرات المناخية؛
الحفاظ على التدبير الجماعي للأراضي وتعميمه؛
التقائية السياسات العمومية القطاعية والأخذ بعين الاعتبار إمكانيات الاقتصاد الأخضر؛
التشريع في مجال احترام البيئة في الاستثمارات العمومية والخاصة؛
نداءنا المستعجل للسلطات من أجل التحرك بخصوص النتائج المقلقة لجودة الهواء والماء الصالح للشرب بجهات المغرب؛
التحرك العاجل للمحافظة على الساحل أمام تكاثر الاسمنت على الشريط الساحلي؛
تهيئة مناطق خضراء وزرع أشجار بالمجال الحضري؛
صياغة المخطط الجهوي للحفاظ على البيئة بمشاركة كل الفاعلين؛
تشجيع وسائل النقل الجماعية عبر تكثيف ودمقرطة وتحسين التقاء السبل (القطارات الجهوية، القطارات الحضرية، الترامواي، الحافلات الكهربائية،…)؛
تشجيع نظم الإنتاج والاستهلاك الصديقة للبيئة وتشجيع المنتوجات المحلية؛
عدم التسامح إطلاقاً مع الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية (الوحيش والنبيت)؛
دعوتنا كل الهيئات والفعاليات النقابية والجمعوية و عموم الناس إلى الاصطفاف في جبهة موحدة لمناهضة التلوث البيئي.
عن المكتب المركزي
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
03 يونيه 2016