أكثر من 70 مليون لاجئ ومهاجر ونازح ومشرد، دارت بهم الأيام ليجدوا أنفسهم مرغمين على الفرار من أوطانهم وترك حياتهم وراءهم بحثا عن الأمن والأمان والمستقبل الأفضليطل “اليوم العالمي للاجئين” هذا العام٬ والعالم بأسره يسعى لمواجهة أزمة الهجرات المتعددة التي لم تعد حكرا على بلد أو قارة معينة. فمن سوريا التي مزقتها الحرب وأدت إلى تشرد نحو نصف سكانها، إلى العراق الذي دمرته حرب “الديمقراطية” وعصفت بمواطنيه تاركة الملايين منهم على أبواب دول العالم يستجدون إقامة، إلى السودان الذي لم يوفر حكم الديكتاتورية فيه أي طريقة إلا ونكل من خلالها بمعارضيه حتى بات يعتبر أغلب مواطنيه معارضين لحكمه الرشيد. طبعا اللائحة تطول ولن نتمكن للأسف من حصر كل المآسي التي عصفت بالشعوب العربية وغيرها وأدت بها لاختيار الهجرة حلا وحيدا.وعلى الرغم من مرور سبعة عقود على إعلان اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، وهي المعاهدة الدولية الرئيسية المتعلقة بحماية اللاجئين، يستمر الباحثون عن ملاذ آمن هربا من الاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية أو السياسية أو بسبب آرائهم أو بسبب انعدام الأمن في بلدانهم الأصلية، بمواجهة حدود مغلقة ومشاعر كراهية الأجانب والعنصرية والاعتقال والاحتجاز في مراكز تفتقر لأبسط شروط الحياة الكريمة. فضلا عن انتظارهم فترات طويلة جدا ريثما تتم دراسة طلبات لجوئهم بجدية، ما يعرضهم لكافة أنواع الانتهاكات.يهم مؤسسة “لجان التنمية والتراث” أن تؤكد على ضرورة إيجاد حلول سريعة ومستدامة لأزمات الهجرة واللجوء، والتي من الواضح أنها لن تخفت، مع تحذير منظمة الأغذية العالمية من موجة جديدة هذه المرة، بطلها التغيير المناخي وحالات التصحر التي بدأت بمطاولة العديد من الدول الأفريقية خاصة. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن عشرات الملايين سيضطرون إلى مغادرة بلدانهم والتوجه شمالا، نحو الدول الغنية البعيدة نسبيا عن آثار تلك التغيرات والتي لديها إمكانيات لمواجهة آثارها.وتدعو المؤسسة كافة الجهات والدول المعنية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، لدفع الجهود العالمية الآيلة لمواجهة أسباب تلك الأزمة. كما تدعو كافة أطر الاتحاد لدعم الاستجابة الإنسانية وزيادة دعم اللاجئين والنازحين والملايين من المتأثرين بهذه الأزمة حول العالم.ففي اليوم العالمي للاجئين، على الجميع تعزيز جهودهم لإنقاذ الناس المحتاجين. إذ لم يعد مقبولا السكوت عن التقاعس الواضح لبعض الدول الأوروبية في دعم جهود الإنقاذ في البحر المتوسط، خاصة وأنه وفقا للأمم المتحدة، تدنت أعداد الوافدين بشكل كبير إلى شواطئ الاتحاد مقارنة بالعام 2015، إلا أن أعداد الغرقى والمفقودين في البحر ارتفعت بشكل لم يسبق له مثيل، ما يستدعي دق ناقوس الخطر وإجبار الجميع على تحمل مسؤولياتهم.ويهم المؤسسة أن تؤكد على أن سمات المرحلة القادمة ستطغى عليها مواضيع وشؤون الهجرة واللجوء، ليس في أوروبا فقط ولكن في العالم بأسره. لذا يجب العمل على تأسيس شراكات قوية مع بلدان المنشأ لمعالجة أسباب الهجرة، كما يجب توفير الدعم للبلدان المستضيفة لتجمعات اللاجئين.وفي هذه المناسبة، تود المؤسسة أن تذكر بأن أزمة اللجوء ليست طارئا حديثا، حيث مازال موضوع اللاجئين الفلسطينيين، الذين يشكلون الكتلة الأٌقدم والأكبر بين اللاجئين حول العالم، دون حل مع استمرار الجهات المعنية بقضيتهم بتجاهل الأسباب الأساسية التي أدت إلى لجوئهم خارج بلادهم الأصلية، وتسعى لعرقلة تطبيق القرارات الأممية الداعية لعودتهم لأراضيهم وإنهاء أسباب لجوئهم. وانطلاقا من إيمانها بحق الجميع بالبحث عن الأمان والمستقبل الأفضل في أي مكان في العالم، تدعو مؤسسة لجان التنمية والتراث لحماية الحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين، وفي مقدمتها الحق في السكن اللائق والعمل والرعاية الصحية والأمن والتعليم المجاني والحماية من الاستغلال الجنسي، وتدعو إلى فتح حدود دول الاتحاد الأوروبي في وجه الذين يرغبون في العيش بكرامة، وإلغاء كافة التشريعات التي تنتقص من كرامتهم وحريتهم في اختيار أماكن إقامتهم. كما وتدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للقيام بدورها في حماية حقوق هذه الفئة أينما كان. القدس – فلسطين