يحل اليوم العالمي للمرأة والحكومة المغربية الحالية مقبلة على إنهاء ولايتها التي تزامنت مع دستور نص على المساواة بين النساء والرجال في كل الحقوق، وهو ما من شأنه أن يضع إنجازات الحكومة فيما يخص تفعيل الفصول المتعلقة بدسترة المساواة أمام محك التقييم ومساءلة ومحاسبة كل الأطراف المعنية. في هذا الإطار، تعتبر الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أنه لم يتم إحراز أي تقدم في مسار تفعيل دستور2011 بخصوص المساواة بين الجنسين إذ:
- لم تستطع الحكومة إصدار قانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، ولا مراجعة القانون الجنائي الذي عمر لأزيد من نصف قرن، بل اتسم مسار إعداد مشاريع هذه القوانين وقوانين أخرى كقانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وقانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، بالتعثر وتميزت مضامينها بالابتعاد كليا عن روح الدستور ومقتضياته؛
- لم تستطع الحكومة وهي تفعل “الخطة الوطنية للمساواة” أن تُعزز السياسات العمومية والتنموية ومرافقتها بتدابير وإجراءات تضمن الولوج إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمدنية وتُعزز الاستفادة المتساوية منها وتناهض التمييز ضد النساء؛ يتضح ذلك في المؤشرات الرقمية التي قدمتها التقارير الدولية والوطنية وتقارير الجمعيات، التي أبرزت تراجعا في ولوج النساء إلى الشغل وتفاقم مظاهر الهشاشة والفقر والبطالة؛
- لم تستطع الحكومة الحالية الحسم لصالح حقوق النساء فيما يخص ثبوت الزوجية وسن الزواج والإيقاف الإرادي للحمل، بل ساهمت في تكريس وضع الخلل الذي طبع تطبيق بعض فصول مدونة الأسرة، بدل فتح ورش المراجعة وفق روح دستور 2011 ونتائج تقييم 10 سنوات من التطبيق.
بناء على ما سبق، يحق لنا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أن نذكر بأبرز إنجازات حكومتنا وهي على مشارف إنهاء ولايتها:
- أبدعت الحكومة الحالية في انتقاء الخطابات التمييزية والترويج لها بل وعمدت على تشجيع خطابات عدائية لمنظومة حقوق الانسان ونشر الترهيب الفكري والتحجير على الحقوق والحريات؛
- انتصرت الحكومة الحالية في إقبار كل ما يمكن أن يحقق إضافة ولو جزئية على المسار التراكمي للمكتسبات في مجال حقوق النساء؛
- نجحت حكومة ما بعد دستور 2011 في خوض مسلسل تراجعات بامتياز بين الارتفاع المهول في أعداد الطفلات اللواتي يتم تزويجهن وهن قاصرات، وتمديد العمل بشأن ثبوث الزوجية وما يحمله من دلالة تشجيع الخروج عن نطاق القانون، إلى التشكيك في الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان…إلخ
إننا إذ نسائل الحكومة الحالية عن تكلفة هدر خمس سنوات من التاريخ الراهن للمغرب وتوقيف مسلسل بناء مغرب دستور 2011 كما يطمح إليه رجال ونساء المغرب، فإنه من حقنا كطرف فاعل في المجتمع المدني أن نحاسبها على منطق لا “فائدة من التكرار”الذي لازم عملها تجاه مطالب الجمعيات النسائية ومذكراتها، رغم أنها مطالب وتوصيات لا محيد عنها من أجل إصلاح النصوص التشريعية ووضع السياسات العمومية والآليات المؤسساتية.
إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إذ نذكر الحكومة بأن النهوض بحقوق وأوضاع النساء لا يمكن أن يتم بطريقة تجزيئية أو وفق مقاربة إحسانية من جهة، وبأن العمل من جهة أخرى ضدا على حقوق النساء واختيار المساواة ومساندة التمييز والمواطنة غير الكاملة لنصف المجتمع لمن شأنه أن يرهن التقدم والنمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي للمجتمع وللمغرب ككل، نعتبر أن المسؤولية التاريخية للحكومة الحالية في مجال الحقوق الإنسانية للنساء وأوضاعهن المتردية ثابثة وقائمة على الأقل على هذين المستويين.
الرباط، 7 مارس 2016