نص التصريح الصحفي
السيدات والسادة ممثلوا وممثلات وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية المسموعة والإلكترونية،
السيدات والسادة أعضاء الهيئات الدبلوماسية المعتمدة بالمغرب
السيدات والسادة أعضاء الحركة الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني
يسعدني باسم الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، أن أرحب بكم وأشكركم على تلبية دعوة الحضور في هذه الندوة الصحفية التي نعقدها غداة تخليد اليوم العالمي الرابع عشر ضد عقوبة الإعدام، وهي مناسبة جديدة للتواصل معكم لتسليط الضوء على واقع عقوبة الإعدام، إن على الصعيد العالمي أو الوطني أو الإقليمي من جهة، وللحديث عن مبادراتنا وعملنا المتواصل من أجل إلغائها من جهة أخرى.
تخلد الحركة الحقوقية العالمية ، وفي مقدمتها الائتلاف المغربي والتحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام، بمعية كل مناصري الحق في الحياة والكرامة الإنسانية بمختلف أرجاء العالم، اليوم العالمي ضد عقوبة الإعدام، الذي يصادف يوم عاشر أكتوبر من كل عام.
إنها مناسبة لتنبيه الضمير الإنساني إلى أن عقوبة الإعدام لم يبق لها داع للوجود في عالم اليوم، و مناسبة للتعبئة وتوحيد وتوسيع جهود القوى المناصرة للحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام بكافة بقاع المعمور، وإطلاق أشكال مختلفة من المبادرات والفعاليات لتعزيز النضال الكوني المتنامي من أجل إلغائها.
وقد اختار التحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام شعارا لتخليد هذه المناسبة: “عقوبة الإعدام، سلاح بيد الإرهابيين، لنوقف دوامة العنف”
ويضم التحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام 140 هيئة من المنظمات غير الحكومية، ونقابات المحامين والجماعات المحلية والنقابات العمالية, وكان قد تأسس في 13 ماي 2002 بمدينة روما. وقد أراد التحالف من خلال هذا الشعار، أن ينبه إلى عدم فعالية و عدم جدوى تنفيذ عقوبة الإعدام على الجرائم المصنفة بالإرهابية، مؤكدا على أن استخدام هذه العقوبة في مثل هذه الحالات يشكل سلاحا بيد الإرهابيين الذين يبحثون عن الموت والشهادة سواء أثناء تنفيذهم للعمليات الإجرامية الشنيعة، أو حين يتم تنفيذ الحكم بالإعدام بحقهم.
و بهذه المناسبة، يوجه التحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام نداء إلى جميع الدول التي تعتمد تشريعات جنائية تنص على عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الإرهابية، وعددها 65 ، نداء لإسقاط هذه العقوبة في مثل هذه الحالات. ووفقا لمعطيات التحالف العالمي، فإن 15 بلدا أقدم على تنفيذ عقوبة الإعدام مرة واحدة على الأقل في حق متهمين بارتكاب جرائم تتصل بالإرهاب منذ سنة 2006.
وينتهز التحالف العالمي هذه المناسبة، ليعبر عن قلقله من تنامي لجوء العديد من البلدان إلى توسيع مجال تطبيق عقوبة الإعدام ليشمل أيضا الجرائم الإرهابية باسم “مكافحة الإرهاب”. ذلك أنه على عكس الحجج المعتمدة من طرف تلك البلدان، يريد التحالف العالمي أن يبين بأن التشدد في زجر الجرائم الإرهابية بواسطة الإعدام، لا يساعد فحسب على محاربته وضمان الأمن والاستقرار، بل إنه يغذي الإرهاب ويقوي دوامة العنف.
السيدات والسادة
يقطع المجتمع الدولي سنة بعد سنة، خطوات جديدة نحو إلغاء عقوبة الإعدام، بالرغم من السياق الدولي الراهن الصعب والمعقد، المتسم بتزايد الحركات الإرهابية وحمى القتل بالدم البارد في الكثير من بلدان العالم التي تم فيها النطق بأحكام الإعدام بالجملة بحق الأشخاص المتورطين في هذه الأعمال، بعد محاكمات لم تحترم فيها ضمانات العدالة والإنصاف، وما رافق ذلك من ارتفاع للمطالبة باعتماد عقوبة الإعدام وتوسيع نطاق استخدامها، أو وضع حد لوقف لتنفيذها.
إذن، فبالرغم من كل ذلك، تتقدم قضية إلغاء عقوبة الإعدام، ويترسخ الاتجاه الكوني نحو الإلغاء أكثرفأكثر، ويشمل جميع القارات. ويمكن إبراز سمات الخريطة العالمية لعقوبة الإعدام فيما يلي: وتتمثل السمة الأولى في أنه من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، هناك نحو 170 دولة ألغت عقوبة الإعدام، أو أوقفت تنفيذها اختياريا، إما في القانون أو في الممارسة العملية، أو علقت تنفيذ العقوبة لأكثر من عشر سنوات، إلى غاية نهاية شهر يونيو 2016، هذا وفقا للتقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الصادر في يوليوز الماضي، والذي عرض على الدورة الأخيرة (الثالثة والثلاثين) لمجلس حقوق الإنسان.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أشارت في تقريرها الاخير الخاص بعقوبة الإعدام لسنة 2015، إلى أن 102 دولة ألغت كليا عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم، مقابل 6 دول ألغتها بالنسبة لجرائم الحق العام وأبقت عليها بالنسبة للجرائم الاستثنائية. كما أن 32 دولة ألغت العقوبة في الواقع العملي، مثل حالة المغرب. وفي المقابل، هناك 58 دولة تطبق العقوبة، علما بأن العقوبة طبقت بالفعل من طرف 25 دولة فقط خلال العام المنصرم.
وحسب منظمة العفو الدولية، كانت ثلاثة بلدان السبب الرئيسي للارتفاع العالمي المهول في أعداد الأشخاص الذين أعدموا خلال نفس السنةـ 1634 شخصا، بزيادة النصف مقارنة مع السنة السابقة. فإيران والعربية السعودية وباكستان ساهمت بنسبة 90 بالمائة في هذه الإعدامات، هذا دون اعتبار الصين التي لانكشف عن المعلومات ذات الصلة بالإعدام، حيث تعتبر هذه المعلومات من أسرار الدولة.
غير أنه في المقابل، تناقص عدد الأحكام بالإعدام بنسبة 28 في المائة خلال نفس الفترة، إلى 1998 حكما بدل 2466 حكما في 2014، وتفسر هذه الوضعية جزئيا، وفقا لمنظمة العفو الدولية، بالقيود المفروضة على أمكانية التحقق من المعلومات، أو إلى صعوبة التحقق منها.
وتبرز السمة الثانية من خلال ارتفاع عدد البلدان التي صدقت على البروتوكول الإختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ليصل إلى 81 بلدا حتى الآن. كما وقعت عليه ثلاثة بلدان. وقد لعبت الحملات المنظمة والفعالة التي ينظمها التحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام دورا مهما في إقناع بعض الدول إلى السير في هذه الاتجاه.
ويعتبر هذا البرتوكول المعاهدة الدولية الرئيسية التي تحظر استخدام عقوبة الإعدام، ويفرض على الدول الأطراف التزاما باتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم امكانية العمل بهذه العقوبة. وتكمن أهميته في أنه لايسمح بالتراجع أو الانسحاب بعد التصديق عليه من أي دولة طرف.
ثم تتمثل السمة الثالثة في توسع عدد البلدان التي صوتت لفائدة قرارات الجمعية العامة المتعلقة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام. فقي دجنبر 2014 نال القرار الخامس تأييد أغلبية متنامية تناهز117 دولة من بينها تونس والجزائر، وامتناع مقابل معارضة 38 دولة، وامتناع 34 دولة عن التصويت.
ونأمل ان ينال مشروع القرار السادس الذي سيعرض على التصويت في دجنبر 2016 زيادة في عدد الدول التي ستصوت لفائدته. ويجسد اعتماد هذا القرار بأغلبية متزايدة مرة كل سنتين، إرادة المجتمع الدولي في المضي بخطوات متدرجة صوب الإلغاء، الكوني لعقوبة الإعدام.
وتبرز السمة الرابعة في استمرار الهيئات الأممية لحقوق الإنسان، سواء في إطار الاستعراض الدوري الشامل، أو داخل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أو لجنة مناهضة التعذيب، في دعوة الدول الأطراف المعنية الى النظر في عقوبة الإعدام، والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني، أو إرساء وقف اختياري لتنفيذ عقوبة الإعدام. وأيضا تحويل عقوبة الإعدام إلى عقوبات أخرى. كما عبرت عن قلقها إزاء عدم التزام بعض الدول بقواعد المحاكمة العادة أثناء النظر في القضايا المتعلقة بعقوبة الإعدام، وطالبت بتطبيق المعايير الدولية ذات الصلة في مثل هذه الحالات. وأصبحت القضية تحظى باهتمام كبير من لدن مجلس حقوق الإنسان، الذي خص لها حوارات دورية رفيعة المستوى بين الدول، وأصدر بشأنها عدة مقررات.
السيدات والسادة
اختار الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام أن يضفي طابعا مغربيا على تخليد هذا اليوم، باختياره شعار: “عقوبة الإعدام، مقصلة للعدالة الجنائية”، تأكيدا منه على أن قضية الإصلاح الجنائي ما تزال مطروحة بقوة على روزنامة العمل الحكومي، حيث أن الإصلاح عرف تعثرا ولم يسلك الطريق نحو التنفيذ، هذا إذا ما استثنينا قانون العدل العسكري الجديد الذي اقتصر على تخفيض عدد الفصول الموجبة لعقوبة الإعدام، دون أن يذهب بعيدا نحو إلغائها,
بالطبع، كانت الحكومة تقد كشف في شهر مارس من العام الماضي عن مسودة لمشروع القانون الجنائي، والتي جاءت مخيبة للامال، خاصة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام. حيث أن المسودة حافظت على عقوبة الإعدام، واقتصرت على تخفيض عدد الفصول التي تنص عليها من 35 الى 14 فصلا، بينما كان مأمولا ان تقرر إلغاءها النهائي من القانون الجنائي. وما أثار الإستغراب هو انها نصت الحكم بالإعدام في جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وهي جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدد طويلة من طرف المحكمة الجنائية الدولية.
وكان الإئتلاف المغربي من اجل إلغاء عقوبة الإعدام في حينه، وبمعية شركائه، شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام وشبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، قد وجه مذكرة ترافعية للسيد وزير العدل والحريات عبر فيها عن تقييمه للمشروع، معبرا عن خيبة الأمل في الإبقاء على عقوبة الإعدام وعن استغرابه من هذا التشبث العاطفي والأيديولوجي بعقوبة الإعدام، في تناقض تام مع المشروعية الدستورية و مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ، وأيضا مع مطالب الحركة الحقوقية والمدافعين والمدافعات عن الحق في الحياة.
وحتى هذه المسودة، على علاتها، لم يكتب لها أن ترى النور، حيث تم إقبارها بعد شهور طوال من النقاش العمومي حول مضمونها في اطار ندوات ومناظرات وكتابات قانونية وفقهية وحقوقية رصينة. وقد تزامن ذلك مع إصدار العديد من المذكرات والأراء وجهت الى الحكومة مطالبة بتحسين او تعديل او إعادة النظر في مضمون تلك الوثيقة.
ثم طلعت علينا الحكومة في شهر ماي منم العام الجاري، بمشروع القانون رقم 16-10 الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والذي اقتصر على مراجعة جزئية محدودة للقانون الجنائي، مستلهما نفس المقاربة التي حكمت المسودة السابقة وكذا قانون القضاء العسكري. وفيما يخص عقوبة الإعدام،اقترح تطبيق عقوبة الإعدام في حالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة.، وهي جرائم كرسها الدستور ويعاقب عليها بالسجن فقط من طرف المحكمة الجنائية الدولية. و لا بد من تسجيل بأن المشروع نص على إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجريمة المحاولة وجريمة المشاركة، بتحويلها الى عقوبة باليجن المحدد لعشرين سنة وثلاثين سنهن محاولا بذلك تحقيق الملاءمة مع مقتضيات المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وحتى هذا المشروع تعثر على الطريق، حيث لم يتمكن مجلس النواب المنتهية ولايته من المصادقة عليه.
إن الإئتلاف يؤكد من جديد بان تقليص مجال تطبيق عقوبة الإعدام في القانون الجنائي لا يمكن أن يشكل تحولا في السياسة الجنائية، علما بأن غالبية الفصول المعنية بالإعدام تتعلق بجرائم ذات طابع سياسي، مما يكشف الأبعاد السياسية للحفاظ على عقوبة الإعدام بالرغم من أن تنفيذ العقوبة يظل نادرا، بل وموقوفا منذ سنة 1993.
ويعتبر الإئتلاف بأن عقوبة الإعدام بأن عقوبة الإعدام، علاوة على تعارضها مع الدستور ومع جوهر حقوق الإنسان، بانها عقوبة لا تحقق العدل باعتبارها عقوبة مطلقة، وتغلق الباب أمام إمكانية التأهيل والإدماج وإصلاح الأشخاص الجناة. إنها بالفعل مقصلة للعدالة الجنائية وتبقي منظومتنا الجنائية متخلفة عن ركب التطور الحضاري العالمي ومتعارضة مع مبادئ الحقوق الإنسانية الكونية. كما أن إلغاءها، ليس فيه مساس بالمقدس والديني والقرآني، ولا ضرر فيه على حقوق الضحايا، ولا على استقرار وأمن و المجتمع.
السيدات والسادة
تشرع الجمعية العامة للأمم المتحدة قريبا في دراسة مشروع قرار جديد يتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، والذي سيعرض على أنظار الجمعية العمومية خلال شهر دجنبر المقبل. وستكون المرة السادسة التي ستتداول فيها هذه الهيئة الأممية في مثل هذا القرار. وتعتبر هذه القرارات تاريخية لأنها مرحلة تعزز الاتجاه العالمي نحو وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، بحيث أنها تدعو بلدان العالم ممن لم تلغ العقوبة بعد، الى وقف تنفيذ العقوبة، وذلك تمهيدا لإلغائها. وبالطبع،يرجع الفضل في هذه المبادرة إلى دول الاتحاد الأوربي.
ومنذ 2007، اختارت حركة مناهضة عقوبة الإعدام عبر العالم تأييد تلك القرارات، وعيا منها بأن الوقف الاختياري لتنفيذ عقوبة الإعدام، يشكل مدخلا ممكنا للدول التي لم تلغ العقوبة بعد لاتخاذ قرار بإلغائها لاحقا، خصوصا و قد أكدت التقارير بالملموس، بأن تجميد التنفيذ لم يؤد الى استفحال الجريمة و الإرهاب أو الى المس باستقرار وأمن المجتمع.
ولقد خلقت تلك القرارات دينامية عالمية مدعومة المنظمات الحكومية الإقليمية الدولية و من المجتمع المدني العالمي والإقليمي و الوطني، ومن بينه الإئتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، مما أدى الى توسع الأقطار التي أقدمت على الإعلان الرسمي لوقف التنفيذ، أو أعلنت التحاقها بركب الدول اللاغية للعقوبة بشكل نهائي من أنظمتها الجنائية، الشيء الذي يقوي الاتجاه العالمي المتنامي نحو الإلغاء أكثر فأكثر.
لكننا سجلنا بأسف شديد موقف الامتناع عن التصويت الذي سلكه المغرب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دوراتها الخمس السابقة، إنه موقف سياسي مقلق وغير مقنع ولا ينسجم مع الواقع الحقوقي والدستوري للبلاد. كما أنه يخيب آمال كل الحقوقيين والحقوقيات، وكمناصري ومناصرات الحق في الحياة في بلدنا، أولئك الذين يناضلون منذ سنوات من أجل تحرير منظومتنا الجنائية المدنية والعسكرية من عقوبة الإعدام.
إن المغرب لم ينفذ العقوبة لأكثر من واحد وعشرين سنة، الشيء الذي يبين أن بإمكانه الاستغناء عنها إن توفرت الإرادة السياسية. ولاشك ان عدم التصويت الإيجابي يتعارض مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي دعت الى التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام، ومع مقتضيات الدستور، وبالخصوص مضامين الفصلين العشرين والثاني و العشرين منه، ومع نداء المجلس الوطني لحقوق الإنسان الموجه للحكومة والبرلمان من أجل إلغائها.
إننا نجدد دعوتنا القوية لكي يصوت المغرب على القرار السادس أثناء عرضه على التصويت في دجنبر المقبل. وسيكون هذا الموقف بمثابة إعلان رسمي علني بعدم التراجع عن وقف التنفيذ.
السيدات والسادة
لم يسجل الموقف الرسمي للمغرب إزاء قضية إلغاء عقوبة الإعدام أي تطور ايجابي في مستوى طموحات حركة مناهضة عقوبة الإعدام وطنيا ودوليا. ولم تجد بعد نداءاتنا ومذكراتنا وحملاتنا العديدة صدى ايجابيا لدى السلطات الحكومية، ويشار في هذا الصدد الى مذكرة: “لا عدالة جنائية مع عقوبة الإعدام” التي وجهناها إلى السيد رئيس الحكومة قبل حوالي عام.
فبالرغم من تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام، تستمر المحاكم المغربية في النطق بأحكام الإعدام بالعديد من المدن، دونما اعتبار للدستور الذي يعد القانون الأسمى للبلاد. و هكذا يظل الوضع الدستوري المرتبط بالحق في الحياة معلقا ما لم تتم ترجمته من خلال ملائمة القوانين الجنائية مع مضمونه. و إلى غاية متم شهر يوليوز الماضي، كان عدد المحكومين بالإعدام يناهز 122 شخصا، قبل أن ينخفض إلى 92 محكوما, وقد جاء هذا الانخفاض بعد استفادة 30 شخصا من قراري العفو الملكي الصادرين بمناسبة عيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب،حيث تم تحويل عقوبة الإعدام الى عقوبة بالسجن المؤبد. وكان الائتلاف قد عبر عن ترحيبه وتثمينه الإيجابي للمبادرة الملكية بالعفو، معبرا عن الأمل في أن يشمل هذا القرار باقي المحكومين.
ومن بين هؤلاء المحكومين الإثنين وتسعين، يوجد 71 شخصا متابعون في إطار قضايا الحق العام، و18 آخرين في إطار قضايا التطرف والإرهاب، بينما الثلاثة (3) الباقون في إطار قضية أطلس أسني. كما ان 81 محكوما بالإعدام، تعتبر ملفاتهم نهائية بعد تجاوزها لمرحلة الاستئناف.
وبخصوص التوزيع الجغرافي، ينزل 46 شخصا بالسجن المركزي بالقنيطرة، و18 شخصا بالسجن المركزي مول البركي، و7 بسجن تولال2، في حين يتوزع الباقون على سجون أخرى (13 سجنا),
وخلال عدد من الإجتماعات دخل قبة البرلمان، جدد السيد وزير العدل والحريات تمسكه بعقوبة الإعدام فحسب، بل أعلن استعداده لتنفيذها. كما أيد بعض الأصوات التي تنادي بالنص على عقوبة الإعدام في حالة جرائم الاغتصاب بحق الأطفال، وذلك أثناء نقاش مقترحات قوانين أبهذا الخصوص أمام لجنة العدل التشريع بمجلس النواب.
وكما هو الشأن بالنسبة للمؤتمر العالمي الخامس ضد عقوبة الإعدام المنعقد بمدريد في يونيو 2013، غابت الحكومة عن المؤتمر العالمي السادس الذي انعقد بأوسلو أيام 23-24و 25 يونيو 2016 ولم تقد حتى مجرد اعتذار عن الحضور للمنظمين،بينما سجلنا حضور عدة وفود من بلدان غير لاغية لعقوبة الإعدام. وقد كان هذا الحضور فرصة لتلك الدول للحديث عن مواقفها وخططها الرامية الى الحد أو وقف التنفيذ أو إلغاء عقوبة الإعدام.
وفي إطار عرض تقريره الدوري السادس المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية امام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طلبت هذه الأخيرة في شهر ماي 2016 صمن قائمة القضايا المتعلقة بذات التقرير، بتقديم بيان حول إذا ما كان المغرب يعتزم التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد المذكور، وكذا اعتماد وقف اختياري لتنفيذ عقبة الإعدام. كما طلبت اللجنة ببيان التدابير المتخذة أو المزمع اتخاذها لتقليص عقوبة الإعدام، وبيان التدابير المتخذة لوقف العقوبة.
وينتظر أن تتلقى اللجنة توضيحات الحكومة على تلك القضايا في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر المقبل.
وقد كانت قضية إلغاء عقوبة الإعدام حاضرة في التقارير الموازية أو القوائم المتعلقة بالقضايا التي رفعتها العديد من المنظمات والائتلافات للجنة المعنية بحقوق الإنسان، أو في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
السيدات والسادة
حقق الإئتلاف المغربي من اجل إلغاء عقوبة الإعدام سنة اخرى حافلة بالعمل المتواصل من أجل انجاز الأهداف والأنشطة التي سطرها بمعية شركائه وطنيا ودوليا. ولقد تنوعت الأنشطة المنجزة بين الترافع وتقوية النقاش العمومي وتوسيع هياكله المحلية وتنظيم ورشات تحسيسية في بعض المؤسسات التعليمية، وكذا عقد أنشطة إشعاعية كبرى، إلى جانب المساهمة في أنشطة دولية وتنظيم دورات تكوينية وإصدار بيانات صحفية وتحيين المضمون الإخباري للموقع الإلكتروني تودرت، إلى جانب وتوجيه مذكرات للجهات المعنية وعقد ندوة ضحفية وتنظيم أنشطة جهوية.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نشير الى تنظيم منتدى الشباب ضد عقوبة الإعدام بمدينة فاس أيام 3-4- 5 دجنبر 2015 شعار “الشباب رافعة أساسية لإلغاء عقوبة الإعدام” بمشاركة وفود شبابية مغاربية وحضره أكثر من مائتي شاب وشابة من مدن مختلفة، وكذلك تنظيم مهرجان الفيلم ضد عقوبة الإعدام تحت شعار: الفن السابع في خدمة الحق في الحياة”خلال الأسبوع الممتد من ، والذي عرف أشعاعا كبيرا وتم خلاله تكريم الممثل المغربي الراحل حميدو بن مسعود، بطل الفيلم الفرنسي”الحياة والحب والموت” لكلود لولوش.
وقام الائتلاف بعقد جمعه العام التداولي يومي 22و 23 يوليوز الماضي بمدينة الرباط تحت شعار: التشبيك، أداة أساسية لتقوية العمل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام الماضي بحضور ممثلين عن السلك الدبلوماسي والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وممثلين عن ائتلافات شقيقة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والكاميرون. وكان هذا اللقاء محطة بارزة في عمل الائتلاف وفرصة لمواصلة الحوار حول استراتيجية إلغاء عقوبة الإعدام. وقد عرف الجمع العام نقاشا داخليا غنيا بخصوص تقييم العمل ورسم الأفاق بالنسبة فاق للمرحلة القادمة. ولقد تميز الجمع العام بعقد ندوة مغاربية حول كيفية بناء استراتيجية مشتركة للعمل من أجل التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني المحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، بينما تركزت الندوة الموضوعاتية حول التعذيب وعقوبة الإعدام.
وكان من بين الأنشطة المتميزة التي أنجزت، تنظيم ندوة “الإسلام وعقوبة الإعدام” بالرباط بمشاركة ثلة من الخبراء في علم الإجرام وتاريخ الأديان وعلم الاجتماع والشريعة الإسلامية، والتي شكلت بداية لفتح نقاش عمومي منفتح ومتعدد التخصصات حول موضوع العلاقة بين الشريعة الإسلامية وعقوبة الإعدام.
ولابد أن نشير الى العديد من الأنشطة الجهوية والفنية التي تم تنظيمها ببعض المدن، من قبيل الندوة التي نظمت بتعاون مع هيئة المحامين بمدينة أكادير حول “عقوبة الإعدام، بين الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان”، وندوة الرباط حول “عقوبة الإعدام في مشاريع الإصلاح الجنائي”…. هذا الى جانب تنظيم العديد من الورشات التحسيسية داخل المؤسسات التعليمية في إطار برنامج التربية على الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام، وذلك في العديد من المدن,
وعلى الصعيد التنظيمي الداخلى، حرصت لجنة الإشراف للإئتلاف على عقد اجتماعاتها الشهرية الدورية، وتميز عملها بتحقيق توسع جهوي بتأسيس لجان محلية بأكادير وفاس، وسيتم الإعلان قريبا عن تاسيس لجان محلية أخرى.
وعلى المستوى الدولي، شارك وفد عن الإتلاف في أشغال المؤتمر العالمي السادس ضد عقوبة الإعدام، الذي انعقد أيام …. يونيو 2016بمدينة أوسلو، كما حرص على متابعة وحضور اجتماعات لجنة الإشراف للتحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام، الذي عقد جمعه العام في شهر يونيو بمدينة أوسلو.
السيدات والسادة
إن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وهو يخلد اليوم العالمي الرابع عشر ضد عقوبة الإعدام، يستحضر مطلبه الأساسي الرامي الى ضمان حماية الحق في الحياة والإلغاء التام لعقوبة الإعدام من المنظومة الجنائية الوطنية مهما كانت الظروف والمبررات، والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.
وفي سبيل تحقيق ذلك، يجدد مطالبته للحكومة ب:
- مباشرة إصلاح شامل عميق للمنظومة الجنائية الوطنية، واقرار سياسة عقابية حديثة تقطع مع المقاربة المعمول بها حاليا،القائمة على الانتقام و القصاص والزجر وتشديد العقوبة ، و تعتمد مقاربة جديدة ترتكز على التسامح والإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج.
- الأخذ بعين الإعتبار للملاحظات والتعديلات التي تقدمت بها الإئتلاف وشبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام وشبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام ، في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام بكيفية تامة بالتشطيب عليها من النصوص المضمنة فيها.
- مراجعة قانون القضاء العسكري من خلال حذف الفصول التي تنص على عقوبة الإعدام
- التصويت الإيجابي على القرار الأممي المتعلق بوقف التنفيذ، المقرر في شهر دجنبر 2016،
5- تأييد القرارات التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة بعقوبة الإعدام.
- التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وعلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
- تحسين أوضاع المحكومين بالإعدام، واحترام كرامتهم و النهوض بأحوالهم الصحية الخطيرة، في انتظار تحويل عقوبة الإعدام الى عقوبات سجنية أخرى،
8 النهوض بثقافة حقوق الإنسان و التربية على الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام، وخاصة في المقررات التعليمية والجامعية، وعبر وسائل الإعلام العمومية.
ويدعو المؤسسة التشريعية ل ـ:
1-بلورة ودعم مقترحات قوانين ترمي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، ولاسيما المقترح الذي أعدته شبكة برلمانيون وبرلمانيات ضد عقوبة الإعدام بالمغرب،
2- مساءلة الحكومة حول مدى تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، ولاسيما تلك المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام،
- مطالبة الحكومة بالتصويت لفائدة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بوقف التنفيذ، وبتأييد قرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة،
- القيام بتعديلات جوهرية على المشاريع القانونية التي لا تصون الحق في الحياة، أو تبقي على عقوبة الإعدام
ويدعو الاحزاب السياسية إلى:
- تضمين إلغاء قضية إلغاء عقوبة الإعدام في برامجها السياسية، والعمل على حث الحكومة لاتخاذ الخطوات اللازمة للسير ببلادنا نحو الإلغاء، مع تنشيط النقاش المجتمعي والمؤسساتي، بما يفضي إلى كسب دعم الرأي العام وإلغاء الإعدام.
2.دعم وإسناد عمل الإتلاف وحلفاؤه، وكل المبادرات المدنية والتشريعية والسياسية ذات الصلة، والإسهام معها في تحسيس الحكومة بضرورة إلغاء العقوبة وتفعيل المقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية ذات الصلة.
ويدعو منظمات المجتمع المدني لـ:
1-جعل قضية إلغاء العقوبة وحماية الحق في الحياة ضمن انشغالاتها والقيام بمبادرات تحسيسية وإشعاعية في هذا الاتجاه، ورفع قدرات أعضائها للعمل في سياق الحركة المغربية والدولية المناهضة لعقوبة الإعدام.
2-تتبع أوضاع المحكومين بالإعدام والعمل على حماية أوضاعهم.
ويدعو وسائل الإعلام والصحافة لـ:
1-الاهتمام بالقضايا ذات الصلة بعقوبة الإعدام والحق في الحياة، وإثارة الانتباه إلى أوضاع المحكومين بالإعدام
2–تقوية ومتابعة وتغطية أنشطة وأخبار الإئتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام،
3-تتبع العمل السياسي والتشريعي والقضائي وآثار عقوبة الإعدام بالنسبة إلى المحكومين بها وأطفالهم.
ويدعو رجال ونساء لقضاء لـ:
1- تقوية الاهتمام بالتكوين المستمر في مجال حقوق الإنسان وحماية الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام، من خلال برامج المعهد العالي للقضاء وداخل نوادي وجمعيات القضاة،بما في ذلك المنظمات المهنية الدولية للقضاة.
2- استحضار مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان خلال معالجة الملفات ذات الصلة، المعروضة على نظر القضاء، خصوصا وأنها أصبحت ذات أولوية في الإعمال، طبقا لمقتضيات تصدير الدستور التي أصبح القاضي الوطني ملزم مهنيا بها.
السيدات والسادة
إن الإئتلاف المغربي من اجل إلغاء عقوبة الإعدام يثمن الشراكة الاستراتيجية التي تربطه منذ سنوات بالجمعية الفرنسية “معا ضد عقوبة الإعدام (ECPM)”، بدعم قوي من الإتحاد الأوربي, ويتوجه بالشكر والعرفان إلى جميع الشركاء والداعمين وخاصة مفوضية الإتحاد الأوربي بالرباط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، علاوة على سفارات بعض الأقطار الأوربية لفرنسا وبريطانيا وسويسرا..
والشكر موصول أيضا للتحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام، وللمكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي
كما يحيي روابط التعاون والعمل المشترك مع كل الشبكات الحليفة والحركة الحقوقية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكل مناصري مناصرات الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام.
وفي الأخير، يجدد الإئتلاف جزيل شكره وعرفانه لمختلف وسائل الإعلام على تغطيتها لأنشطة الائتلاف ومواكبتها للنقاش العمومي بخصوص صيانة الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام في بلادنا.
فشكرا مرة أخرى على حضوركم وحضوركن، و مرحبا بأسئلتكم.