مع اجتماع زراء الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد في بروكسل لمناقشة رد الاتحاد على أزمة اللاجئين العالمية، تطال الدولية بإجراء مراجعة شاملة لنظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وذلك لضمان ممر آمن إلى بلدان الاتحاد الأوروبي للأشخاص الذين يحتاجون الحماية، ولوضع حد لمعاناة الأشخاص الذين يتمكنون من الوصول إل الاتحاد في نهاية المطاف. وسيناقش الوزراء مجموعة من الاقتراحات التي قدمتها المفوضية الأوروبية في 9 سبتمبر/أيلول، والتي تخطئ الهدف على نحو خطير عندما يتعلق الأمر بحماية المستضعفين على حدود الاتحاد الأوروبي وداخل بلدانه، وبحل الأزمة الإنسانية.
وقالت إفيرنا مكغوان، القائم بأعمال مدير مكتب المؤسسات الأوروبية بمنظمة العفو الدولية: “مرة أخرى يحتل الممثلون السياسيون الأوروبيون مركز الاهتمام في حديثهم عن ضرورة التصدي لأزمة اللاجئين. ولكن الأزمة الأوروبية الحقيقية هي أزمة قيادة وفشل أوروبا في الإصلاح الجذري لنظام اللجوء المتهاوي لديها، الذي تنجم عنه عواقب وخيمة على الأشخاص المستضعفين الذين ينشدون السلامة والملاذ الآمن. كفى كلاماً، وحان وقت الفعل الحقيقي، فالعالم يراقبكم.”
الأزمة الأوروبية الحقيقية هي أزمة قيادة وفشل أوروبا في الإصلاح الجذري لنظام اللجوء المتهاوي لديها، الذي تنجم عنه عواقب وخيمة على الأشخاص المستضعفين الذين ينشدون السلامة والملاذ الآمن.
إفيرنا مكغوان، القائم بأعمال مدير مكتب المؤسسات الأوروبية بمنظمة العفو الدولية
إن عدم تقبُّل البلدان الأوروبية لحقيقة أن أزمة اللاجئين العالمية من شأنها أن تزيد من أعداد القادمين إلى أوروبا، بات أمراً مرئياً ومقلقاً على نحو متزايد. وقد ركَّز زعماء الاتحاد الأوروبي على إغلاق الأبواب ومنع دخول بلدانهم عن طريق اتخاذ تدابير رقابة حدودية قمعية، ومن خلال الممارسات أو القوانين التي تحرم القادمين من الحق في طلب اللجوء من الناحية الفعلية، متجاهلين الأسباب التي تدفع الناس إلى التوجه للاتحاد الأوروبي، من قبيل النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان.
وهذا الأمر، بالإضافة إلى عدم توفير طرق آمنة وقانونية إلى أوروبا، يعني ازدياد عدد اللاجئين الذين يذهبون في رحلات خطيرة. وقد أسفرت إخفاقات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه عن خلق ظروف استقبال غير إنسانية وغياب إجراءات اللجوء العامة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يصلون إلى الدول الأعضاء في الخطوط الأمامية للاتحاد. وقد قدمت منظمة العفو الدولية مجموعة من المقترحات التفصيلية والملموسة لضمان تمكين الأشخاص الذين يحتاجون حماية دولية من الوصول إلى أوروبا والعيش فيها بأمان وكرامة.
رحلات خطيرة إلى أوروبا
في هذا العام وحده أُزهقت أرواح نحو 2,800 شخص بينما كانوا يحاولون الوصول إلى بر الأمان والملاذ في أوروبا. ويتم رد بعض الذين يصلون إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي على أعقابهم.
وقد وصل إلى الاتحاد الأوروبي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015 وحده ما يربو على 381,000 شخص، وصل منهم أكثر من 258,000 شخص إلى الجزر اليونانية. وقد جاء 92% ممن وصلوا إلى اليونان من سوريا وأفغانستان والعراق التي مزَّقتها الحرب. وحتى بعد أن يفروا من أهوال الحرب وينجوا من الرحلات الخطيرة، فإن الصعوبات التي يواجهونها تظل أبعد ما يكون عن الانتهاء عندما يصلون إلى أوروبا.
إن ازدياد تدفق اللاجئين إلى أوروبا يعتبر نتيجة حتمية لأسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. وإن تركيز الزعماء الأوروبيين على إبقاء اللاجئين خارج بلدانهم لا يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة الناس.
إفيرنا مكغوان
لقد وثَّقت منظمة العفو الدولية ظروف الاستقبال الفظيعة في اليونان، واحتجاز الأشخاص بدون طعام أو ماء في المجر. إن هذه الظروف وغياب الآفاق على المدى البعيد في هذين البلدين تدفع اللاجئين إلى أن يسلكوا طرقاً أبعد، وغالباً ما تكون سرية ومحفوفة بالمخاطر، داخل أوروبا.
وقالت إفيرنا مكغوان: “إن ازدياد تدفق اللاجئين إلى أوروبا يعتبر نتيجة حتمية لأسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. وإن تركيز الزعماء الأوروبيين على إبقاء اللاجئين خارج بلدانهم لا يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة الناس.”
وأضافت تقول: “على الرغم من مناشدات آلاف الناس في سائر أنحاء أوروبا زعماء بلدانهم بأن يتخذوا إجراءات مناسبة، فإن المقترحات المطروحة على طاولة اجتماع يوم الإثنين الذي أسموه طارئاً يقصِّر إلى حد خطير عن التصدي للثغرات وعن ضمان الحماية والكرامة لمن هم بحاجة إليها.”
الطرق الآمنة والقانونية إلى أوروبا
لا تأتي مقترحات المفوضية التي سيناقشها وزراء الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين على ذكر أية طرق آمن وقانونية بديلة، من قبيل زيادة أماكن إعادة التوطين والسماح بالدخول لأسباب إنسانية، ولم شمل العائلات وإصدار تأشيرات دخول إنسانية. إن مثل هذه الطرق ضرورية لتأمين ممرات آمنة إلى أوروبا وتقليص عدد اللاجئين الذين يسلكون رحلات محفوفة بالمخاطر. كما أن من شأنه أن يخفف الضغط عن الدول الأعضاء الواقعة في الخطوط الأمامية، وذلك بضمان توزيع أكثر عدلاً للاجئين على سائر بلدان الاتحاد الأوروبي.
وتقدِّر منظمة العفو الدولية أنه ستكون هناك حاجة إلى نحو 1.38 مليون مكان لإعادة توطين الأشخاص الأكثر استضعافاً حول العالم على مدى العامين القادمين، وتدعو بلدان الاتحاد الأوروبي إلى توفير ما لا يقل عن 300,000 مكان على مدى هذه الفترة، إما من خلال برامج وطنية أو برنامج إلزامي يضعه الاتحاد الأوروبي.
نقل طالبي اللجوء إلى بلدان أخرى
تركز مقترحات المفوضية الأوروبية على نقل طالبي اللجوء داخل بلدان الاتحاد الأوروبي باعتباره عنصراً رئيسياً في الحل الشامل. ومع أن نقل اللاجئين إلى أماكن أخرى من شأنه أن يخفف الضغوط مؤقتاً عن الدول الأعضاء في الخطوط الأمامية التي تواجه حالة طوارئ، فإنه ينبغي أن يُنفذ بسرعة. ومن المقلق أن الاقتراح المطروح على الطاولة يستثني شرط الموافقة، مما يثير تساؤلات خطيرة حول الاعتقالات المحتملة والوسائل القسرية لإرغام الأشخاص على الانتقال إلى الدول الأعضاء التي ربما لا يكون لهم فيها عائلات أو دعم مالي.
وسيناقش الوزراء مقترحاً طارئاً بشأن اقتراح نقل 120,000 طالب لجوء إلى بلدان أخرى، بالإضافة إلى الــ 40,000 شخص الذين اقترحهم المفوضية في مايو/أيار، وعجزت الدول الأعضاء عن الإيفاء به كلياً.
النقل إلى دول أخرى لا يعتبر حلاً مستداماً لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء. إن المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتجاهل حقيقة مفادها أنه يمكن منع خلق الأوضاع الخطيرة ومحنة اللاجئين وطالبي اللجوء في البلدان التي يصلون إليها أولاً
إفيرنا مكغوان
بيد أن اقتراح المفوضية يستثني شرط الموافقة مما يثير تساؤلات خطيرة بشأن الاعتقالات المحتملة والوسائل القسرية لإرغام الأشخاص على الانتقال إلى الدول الأعضاء التي ربما لا يكون لهم فيها عائلات أو دعم مالي.
ومضت إفيرنا مكغوان تقول: “إن إعادة طرح اقتراح نقل طالبي اللجوء إلى بلدان أخرى على جدول الأعمال، إذا ما نُفذ بشكل عادل، سيساعد على تخفيف الضغط عن الدول الأعضاء في الخطوط الأمامية، وتخليص اللاجئين من ظروف الاستقبال المزرية. إلا أن النقل إلى دول أخرى لا يعتبر حلاً مستداماً لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء. إن المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتجاهل حقيقة مفادها أنه يمكن منع خلق الأوضاع الخطيرة ومحنة اللاجئين وطالبي اللجوء في البلدان التي يصلون إليها أولاً، عن طريق الدخول إلى الاتحاد الأوروبي على اتساعه عبر طرق آمنة وقانونية.”
حرية التنقل للاجئين
إن مقترحات المفوضية الأوروبية تفوِّت فرصة التصدي لقضية التنقل غير القانوني للاجئين داخل الاتحاد الأوروبي بشكل هيكلي. وسيتم تقليص الضغوط طويلة الأجل على البلدان التي يصل إليها اللاجئون بالسماح لهم بحرية التنقل داخل بلدان الاتحاد.كما أن حرية التنقل من شأنها أن تيسِّر عمليات لم شمل العائلات وزيادة آفاق الاندماج في الأجل الطويل.”
“قائمة بلدان المنشأ الآمنة“
سيناقش الوزراء اقتراحاً بوضع “قائمة ببلدان المنشأ الآمنة”. ونحن نعتقد أن تطبيق مثل هذه القائمة أمر مثير للقلق العميق لأنه يقوِّض بشكل أساسي إمكانية استفادة طالبي اللجوء من إجراءات لجوء عادلة وفعالة. إذ أن تقرير صفة اللاجئ يقوم على الظروف الفردية للأشخاص، الأمر الذي يعني أنه ما من بلد منشأ يمكن اعتباره “آمناً” بهذه الصفة. وينطوي تطبيق مبدأ بلد المنشأ الآمن على مخاطرة حرمان جماعات بأكملها من الناس الذين هم بحاجة إلى حماية دولية، من الحصول على صفة لاجئين، مما ينتج عنه بالتالي إعادتهم قسراً.
وخلصت إفيرنا مكغوان إلى القول: “إنه يتعين على الوزراء التخلي مرة وإلى الأبد عن تبني مقاربة “الحصن الأوروبي”. إذ أن الأشخاص اليائسين سيستمرون في المجيء، وإن اجتراح رد طارئ منسق مع مراجعة عاجلة لمقاربة الاتحاد الأوروبي لقضية اللجوء مسألة لا تنتظر