تطلق منظمة العفو الدولية حملتها العالمية الجديدة بشأن حماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان تحت عنوان “الشجاعة”، وبهذه المناسبة تتشرف منظمة العفو الدولية – المغرب أن تبعث لكم بهذه المراسلة تشارككم فيها موجز المنظمة العالمي: “المدافعون عن حقوق الإنسان تحت وطأة التهديد: انكماش الساحة أمام المجتمع المدني” (انظر المرفقات).
ففي يومنا هذا، في عصر الخوف والتفرقة وشيطنة الآخر في جميع أنحاء العالم، نعلم أن أولئك الذين يجرؤون على اتخاذ مواقف من أجل حقوق الإنسان يتعرضون للهجوم بشكل متزايد ومستمر وبمعدلات تبعث على الانزعاج. نحن كمجتمع مدني على وجه الخصوص في خط المواجهة ندرك تماما أن المدافعين/ات عن حقوق الإنسان يواجهون مضايقات وترهيب وحملات تشويه وسوء معاملة واحتجاز غير قانوني ويتعرضون للتهديد والتجاوز فقط لنضالهم من أجل الحق والحقوق.
الآن، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى أشخاص يقفون في وجه الظلم والتصدي لمن يقوضون حقوق الإنسان.
لقد مضى ما يقرب من عقدين من الزمن منذ اجتماع المجتمع الدولي بالأمم المتحدة عام 1998، و اعتماده، بتوافق الآراء، إعلانا للمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني والاعتراف بهم كعامل من عوامل التغيير، وبأهميتهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. فالحكومات، بتأييدهاهذا الإعلان، قد تعهدت بدعم المدافعين عن حقوق الإنسان وتمكينهم من العمل بعيداً عن العقبات ودون خوف من التعرض للانتقام؛ إلا أن روحالإعلان وكلماته قد صارت اليوم تنتهك على نحو لا مواربة فيه.
نحن اليوم، نشهد استهجانا علنيا لروح وعبارات هذا الإعلان، إذ قلة فقط من قادة العالم يعترفون علنا بالدور الرئيسي الذي يلعبه المدافعون عن حقوق الإنسان في تعزيز حقوق الإنسان والدفاع عنها؛ وقلة أيضا من الدول نفذت آليات حمائية فعالة.
إن نداءنا العالمي الموحد لهذه الحملة هو حث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تنفيذ ما التزمت به منذ 20 عاما، والاعتراف بالمدافعين عن حقوق الإنسان وتوفير الحماية الفعالة لهم حتى يتمكنوا من القيام بعملهم دون خوف من التعرض للاعتداء.
إننا نرفق الموجز العالمي الذي نطلقه في هذا اليوم 16 ماي بمناسبة إطلاق الحملة. وهو يستكشف التدابير الواسعة الانتشار المستخدمة حاليا في جميع أنحاء العالم لإخراس المدافعين عن حقوق الإنسان، فمن الهجمات الشخصية مثل التهديدات والضرب والقتل إلى استخدام
التشريعات والقوانين لتجريم الأنشطة المتصلة بحقوق الإنسان، وفرض الرقابة الجماعية، وتقليص فضاء عمل المدافعين عن حقوق الإنسان وضرب حقهم في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وحظر تلقي التمويل الأجنبي وفرض متطلبات صارمة على تسجيل المنظمات فضلا عن القيود المفروضة على حريتهم في التنقل. ويتمثل محور هذه الأساليب في استخدام حملات التشهير وتلطيخ السمعة من أجل نزع الشرعية عن المدافعين/ات عن حقوق الإنسان. إذ يوصف المدافعون عن حقوق الإنسان، وعلى نحو صريح أكثر من ذي قبل، بأنهم مجرمون، وغير مرغوبفيهم، و”مدافعون عن الشياطين”؛ وأنهم “عملاء أجانب”، و”مناهضون للوطنية”، و”إرهابيون”، ويصورون على أنهم خطر يتهدد الأمن أوالتنمية أو القيم التقليدية. ويواجه المدافعون عن حقوق الإنسان خطراً مزدوجاً، يتمثل في تقلص فرصة الوصول إلى المعلومات والشبكات والأدوات التي يحتاجون إليها لإحداث التغيير، بينما يفتقرون تماماً إلى الحماية من الاعتداءات التي يتعرضون لها.
كما يسلط هذا الموجز الضوء على العنف الذي تتعرض له المدافعات عن حقوق الإنسان خارج الهجمات التي قد يتعرض لها مدافعون عن حقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي والتهديدات والمضايقات، وكذلك حملات التشهير المرتبطة بالنوع الاجتماعي.
ويختتم التقرير بسلسلة من التوصيات الموجهة إلى الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، فضلا عن الهيئات الإقليمية والدولية التي يجب استهدافها على وجه السرعة من أجل عكس المحاولات الجارية لتقليص الفضاء الذي يعمل فيه المدافعون عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني.
ومن المقرر أن يعقب هذا الإطلاق محطات للتحرك العالمي بشأن الاتجاه المثير للقلق المتمثل في عمليات القتل واختفاء مدافعين عن حقوق الإنسان، والتشريع القمعي، والرقابة. كما تركز الحملة أيضا على المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون مع أفراد أو جماعات مهمشة – بمن فيهم أولئك الذين يواجهون التمييز على أساس جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو طبقتهم أو ميولاتهم الجنسية أو هويتهم الجنسانية أو سنهم أو جنسيتهم أو الإعاقة – الذين يواجهون تحديات محددة في عملهم.
ولكن على الرغم من اشتداد الهجمة العالمية على الاعتراض السلمي، فإن الناس لن ينبطحوا ولن يقبلوا الظلم. فروح العدل في نفوسنا قوية، ولنينال منها أي قمع. على هذه الخلفية، تقوم منظمة العفو الدولية بحملة عالمية تدعو إلى الاعتراف بالمدافعين/ت عن حقوق الإنسان وحمايتهم/نوتمكينهم/ن من العمل في بيئة آمنة.
نحن نتطلع إلى العمل معكم عن كثب في هذا الأمر لكي نعكس معا الهجوم المثير للقلق من جانب الحكومات والجماعات المسلحة والشركات وغيرها على الحق في الدفاع عن حقوق الإنسان التي نشهدها حاليا
تضامننا المستمر،
محمد السكتاوي
مدير عام منظمة العفو الدولية المغرب