المذكرة موجهة للسادة والسيدات الأمناء العامين للأحزاب السياسية
ان – أولا : السياق
تأتي هذه المذكرة كإحدى مستويات انخراط جمعية صوت المرأة الأمازيغية “امسلي” في سيرورة ومسار تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق الإنسانية بصفة عامة وحقوق المواطنة بشكل خاص وكذا الحقوق السياسية بشكل أخص، وفي مركزها المرأة الأمازيغية التي تعيش وضعا هشا مضاعفا.
هذا المسار الذي شكل إحدى مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي انخرط فيها المغرب منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، والذي تمثلت لحظاته المركزية والأساسية في: تصفية ماضي الانتهاكات وتقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، ومدونة الأسرة، وإقرار كوطا نسائية في المؤسسات المنتخبة محليا ووطنيا، وصولا إلى دستور 2011 .
لقد أصبح في نظرنا ملف مطلب المساواة بين النساء والرجال ملفا لا يزال مفتوحا ومطروحا على أجندة صانعي القرار، ووضعت الجميع، أحزابا وحكومة أمام التحدي القاضي باتخاذ موقف إيجابي عملي وفعال فيما يتعلق بالمشاركة النسائية في تدبير الشأن العام.
ومن موقعنا وبمناسبة الانتخابات التشريعية التي سيعرفها المغرب والتي ستتوج بالتصويت على ممثلي وممثلات الشعب بالغرفة الأولى للبرلمان يوم 7 أكتوبر 2016 ، وفي إطار التحضيرات الجارية من قبل الأحزاب السياسية، فإننا وبمناسبة وضعكم لبرنامجكم الانتخابي فإننا نتوخى منكم الأخذ بعين الاعتبار ما يلي :
سين – ثانيا – الأسباب الموجبة
-التقارير الدورية للجمعيات الأمازيغية، والتي تؤكد أن قضية المرأة الأمازيغية ومعها قضية اللغة والثقافة والحضارة الأمازيغية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية ما زالت تعيش وضع الدونية التي فرضتها عليها سياسات التهميش والإقصاء من جانب، ومن جانب آخر ضعف المنظور المؤسساتي والرؤى الاختزالية التي يتم التعامل بها تجاهها في المجالات الرسمية؛
-المرأة الأمازيغية ولغتها وثقافتها وحضارتها في حاجة إلى إيلائها الاهتمام الخاص عبر توفير آليات مؤسساتية وإجراءات عملية ترد الاعتبار إليها من قبل المؤسسات المحلية والجهوية المنتخبة وتنهي سنوات التهميش والإقصاء بالشكل الذي سيعيد لها الاعتبار كما سيعيد تشكيل الهوية واللغة والثقافة الأمازيغية عبر الأجهزة المختلفة محليا وجهويا خصوصا بعد إقرارها لغة رسمية للدولة، وبعدا من أبعاد الهوية الوطنية؛
-صوت المرأة الأمازيغية هو صوت الهوامش الاحتجاجية التي تمثل الأغلبية الشعبية من النساء، كما أنها تعيش يوميا هويتها المنفتحة على الأبعاد الأخرى للشخصية المغربية؛
– خضوع المرأة الأمازيغية لبنية قانونية بعيدة عن لغتها الأم وعن أحلامها، إذ تشعر بالحيف والظلم داخل المحاكم والإدارات العمومية ووسائل الإعلام؛
– عدم تجاوز المشاركة النسائية في القوائم المحلية للانتخابات البرلمانية ل 25 نونبر 2011 75 امرأة أي بنسبة 3,75 في المائة من مجموع المرشحين؛
-واستنادا إلى كون البناء التنظيمي لبعض الأحزاب السياسية لم يرق إلى مستوى اعتماد مقاربة النوع كآلية تنظيمية من أجل إعداد وتأهيل المنخرطات في تلك الأحزاب لتحمل مسؤولية الوظائف الانتخابية، وهو ما يبرر كون جل التيارات الحزبية استنفدت طاقتها النسائية في اللوائح الوطنية .
كراض – ثالثا- المطالب
إن جمعية صوت المرأة الأمازيغية تدعوكم إلى تشجيع المرأة للترشح للانتخابات ووضع برامج تنتصر للقضية الأمازيغية ولقضية المرأة الأمازيغية، آملين السعي للعمل بمقاربة حقوقية وتشاركية لتجاوز المعيقات القائمة بمنظور نقدي بناء من جهة، و من أجل فتح المجال المؤسساتي للمرأة الأمازيغية ولكافة القيم الأمازيغية المحلية والجهوية والوطنية لإبراز شخصيتها في كافة القطاعات من جهة أخرى، بما يضمن تشييد مغرب ديمقراطي موحد غني بتنوعه واختلافه.
لذلك فإننا في صوت المرأة الأمازيغية :
نتوجه لحزبكم بهذه المذكرة من أجل دعمها والتعاطي معها ايجابيا وإعمالها وتبني مضامينها وإدماج مقتضياتها بأدبياتكم ومواقفكم بمناسبة الانتخابات التشريعية، والعمل على التجاوب ايجابيا مع مقتضياتها في الممارسة العملية.
و ندعو إلى ضرورة إعمال ما يلي:
-اعتماد المبدأ الدستوري للمناصفة بين الرجال والنساء في تولي المسؤوليات السياسية المنصوص عليها في المواد 6 و 19 و 30 من الدستور المصادق عليه في فاتح يوليوز 2011؛
-تشجيع النساء الأمازيغيات للترشح للانتخابات المقبلة وعلى جميع مستوياتها، تفاعلا مع ما تستدعيه المقتضيات الدستورية ذات الصلة؛
– إعمال مبدأ التمييز الإيجابي تجاه النساء الأمازيغيات في لائحة مرشحي ومرشحات حزبكم لتبوأ المرأة الأمازيغية المكانة المطلوبة في واجهة لوائحكم الانتخابية.
وللاستفادة بشكل أمثل من مشاركة النساء في الحياة السياسية، لابد من أن تتخذ كخطوات استباقية :
تنفيذ كافة الأنشطة الحزبية من منظور مراعاة النوع الاجتماعي؛
المشاركة المتكافئة بين النساء والرجال في الأنشطة الحزبية، من تدريبات واجتماعات واستشارات …؛
مراعاة قضايا النوع عند تصميم الاستراتيجيات الانتخابية وتقنيات الاتصال؛
إعطاء الحزب فرص أكبر للنساء قصد صقل المهارات وبناء الثقة، وخاصة فيما يتعلق بالتدريبات الخاصة بمهارات الخطابة والمهارات الإعلامية وصياغة الرسالة الانتخابية؛
التكيف مع احتياجات وظروف المشاركات، فغالبا ما تكون النساء في بعض الحالات غير قادرات على السفر أو على المبيت خارج البيت، لذلك لابد من إبداع أساليب لتوفير التدريب والمساعدة في المجتمعات المحلية التي تطرح هذا النوع من القيود والإشكاليات؛
اختيار المرشحات من طرف الأحزاب؛
مبدئيا يجب أن تعتمد الأحزاب أنظمة ومعايير ثابتة وشفافة لاختيار المرشحات؛
ولابد أن تتوافر للنساء داخل الحزب الفرص الفعلية للنجاح في عملية اختيار المرشحات، للحصول على مناصب قابلة للاستمرارية والديمومة؛
عمليات اختيار المرشحين المؤسسة على التمييز الايجابي نتائجها ملموسة على مشاركة النساء في الحياة السياسية؛
لوائح التصفية أو الانتخابات الأولية المؤلفة حكرا من النساء:
حيث تستخدم إستراتيجية تعيين الأحزاب السياسية لمجالات انتخابية لا تقدم فيها إلا أسماء النساء المرشحات لمن سيتولين اختيار اللائحة داخل الحزب.
أنظمة الكوتا الحزبية:
وهي آلية إضافية طوعية أو إجبارية، ويجب أن تحتل النساء فيها مواقع قابلة للاستمرارية وقابلة لتحقيق الفوز .
نظام اللوائح بالتناوب:
تستخدم اللوائح الحزبية بالتناوب في أنظمة التمثيل النسبي، حيث يعمل المسؤولون على وضع لوائح المرشحين داخل الحزب على المناوبة بين المرشحين الذكور والمرشحين النساء باللائحة، بحيث إذا كانت المرأة تحتل الموقع الأول يحتل الرجل الموقع الثاني، ثم امرأة، فرجل، وهكذا دواليك.
نظام المقاعد المحجوزة للنساء:
في ظل نظام المقاعد المحجوزة، فإن الأحزاب السياسية تجبر على تسمية النساء كمرشحات لخوض المنافسة للفوز بهذه المقاعد المحجوزة للنساء.
إعادة النظر في البنيات والعمليات الحزبية:
إن الطريقة التي تبنى على أساسها الأحزاب، يكون لها أثر مباشر على فعالية هذه الأحزاب في دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية عامة وتحسين تمثيليتها في المؤسسات المنتخبة بشكل خاص .
فلن يتم إحراز أي تقدم فعلي على مستوى دعم النساء وتعزيز مشاركتهن في الحياة السياسية، دون أن تصمم أنظمة الأحزاب السياسية والبنيات الخاصة بها على هذا الأساس .
ضرورة تحديد مستويات دنيا لمشاركة المرأة في العمل الحزبي؛
تحديد مستويات دنيا من التمثيل النسائي في هياكل و مجالس وهيئات الحزب على جميع مستويات التنظيم؛
تحديد مستويات دنيا لمشاركة النساء في المؤتمرات الحزبية، وأن يضطلعن بدور صانعات القرار فيه؛
تحديد أنظمة الحزب لمستويات دنيا لمشاركة النساء كمرشحات؛
تشكيل هيئات حزبية خاصة لاستقطاب النساء وتعزيز مكانتهن والتخصص في قضاياهن؛
إنشاء لجنة المساواة والفرص المتساوية داخل الحزب، تضطلع بمراقبة قرارات الحزب وجهوده لتحقيق المساواة بين الجنسين؛
إعداد برامج وعمليات تشاركية لصياغة سياسات الحزب مع الأطراف المعنية الرئيسية؛
بناء وتقوية القطاع النسائي داخل الحزب، بحيث يؤثر على برامج الحزب في جميع القضايا المتعلقة بالنساء؛
إنشاء آليات فعالة تساعد على استقطاب النساء وتعزيز مكانتهن عبر البنيات الحزبية
إعداد قاعدة بيانات حزبية بالموارد الخاصة بالمرشحات المحتملات الممكن استقطابهن وتدريبهن وإعدادهن؛
إعداد برنامج إرشاد لمنح أعضاء الحزب من النساء الأقل خبرة قدرة على الوصول إلى الدعم والخبرة من قادة الحزب والمسؤولين المنتخبين؛
إعداد برنامج حزبي تدريبي لاكتساب وتطوير المهارات، لمساعدة النساء على ردم الهوة فيما يتعلق بالخبرة المرتبطة بالمهام العامة والرسمية، وتوفير بيئة حزبية مستجيبة لممارسة المهارات السياسية؛
بناء منظمات داخلية أو موازية للحزب ذات فعالية مهتمة بقضايا النساء؛
ضرورة بناء منظمات نسائية فعالة من طرف الأحزاب السياسية، وتوجيه الدعم لها، وإدماجها في عمليات الحزب، ومنحها الصلاحيات في عمليات صناعة القرار والسلطة وقدرة التأثير في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات؛
ضمان وصول النساء بصورة متساوية إلى الموارد الحزبية؛
الحرص على وصول النساء إلى آليات الدعم الحزبية، بما في ذلك تطوير المهارات والتدريب والمساعدة التقنية؛
خلق وتطوير نظام للمنح داخل الحزب، من أجل تسهيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
وتعلن جمعية صوت المرأة الأمازيغية “امسلي” عن استعدادها للتعاون والعمل على تفعيل مقتضيات ومطالب هذه المذكرة من خلال ما راكمته في مجال الدفاع عن الحقوق الإنسانية للنساء والحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية.
عن مكتب جمعية صوت المرأة الأمازيغية ” امسلي ”
الرباط في 22/08/2016