تهدف هذه المذكرة التركيبية الموجهة الى أعضاء مجلس المستشارين الى تقديم ملاحظات و اقتراحات الإئتلاف الجمعوي من أجل حظر تشغيل الخادمات القاصرات من أجل تجويد القانون 12-19 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلق بالعاملات والعمال المنزليين، الذي أعيد الى هذا المجلس لقراءة ثانية.
فقد صادق مجلس النواب، ليلة الثلاثاء-الأربعاء فاتح يونيو 2016 على مشروع القانون 12-19 الخاص “بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلق بالعمال المنزليين” بعد إدخال التعديلات التي قدمها وزير الشغل والشؤون الاجتماعية المحددة لسن 18 كحد أدنى لسن الولوج الى العمل المنزلي.
ويعتبر هذا التعديل بالتأكيد، خطوة كبيرة إلى الأمام لملائمة تشريعاتنا مع الالتزامات الدولية، ومع نص وروح الدستور. كما أنه يلبي انتظارات المجتمع المدني لما يقرب من عشر سنوات مضت، وانتظارات المجلس الوطني لحقوق الانسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فضلا عن منظمة اليونيسيف وهيئات أممية متعددة، وأساسا لجنة حقوق الطفل التي أوصت ضمن الملاحظات الختامية بشأن التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع للمغرب، المقدمين للجنة حقوق الطفل و المؤرخ ب 14 اكتوبر 2014 على:
(أ) اتخاذ تدابير فورية وحازمة لانتشال الفتيات العاملات خادمات منازل من ظروف العمل الظالمة، وتوفير التعليم لهن، بما فيه التدريب المهني، وإمداد اللجنة في تقريرها الدوري المقبل بمعلومات وافية عن تلك التدابير وما تمخضت عنه من نتائج؛
(ب) السهر على إنفاذ فعال للقوانين التي تحظر أشكال عمل الأطفال دون سن 18 المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الخدمة المنزلية، ومعاقبة من يستغلون الأطفال وفق القانون.
ومن جهة أخرى، فإن هذا التعديل الذي أقره مجلس النواب، يحدد فترة انتقالية لخمس سنوات يمكن خلالها تشغيل القاصرات والقاصرين ما بين سن 16 و17 في العمل المنزلي، الذي يتناقض كليا مع الأسباب الموجبة لتحديد الحد الأدنى في 18 سنة مع ” المصلحة الفضلى للطفل” التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أية مقتضيات تشريعية او تنظيمية تتعلق به.
إلا أن انسجام ومنطق هذا الفعل التشريعي المؤسس يحتم منع تشغيل ” الخادمات القاصرات ” مباشرة بعد تبني القانون، مع جميع الاجراءات المرتبطة به. ويتعلق الأمر بالقطع مع مثل هذا تشغيل ومعاقبة كل من أخل بذلك عقابا شديدا.
لقد أبانت مؤسساتنا والمصالح العمومية في مناسبات عديدة عن قدرتها على اجتثاث بعض الممارسات غير القانونية، خاصة عندما تكون التوجهات والاطار القانوني. إن إعطاء مهلة للمستغلات والمستغلين للقاصر (ة) وللوسطاء عديمي الضمير، هو بمثابة تعبير عن ضعف الدولة..
ومن جهة أخرى، فإن النص الذي تم التصويت عليه، لا يتضمن في بنوده، أية إشارة للمقتضيات العملية، كما لا يحيل على أي نص تشريعي مستقبلي يعتمد للقضاء قانونا على الاستغلال القائم داخل ” المنازل الخاصة”، سواء بالنسبة للقاصرات والقاصرين الممارسين، أو بالنسبة للواتي أو الذين قد يتم تشغيلهم بعد نشر القانون.
إن النص لا يتضمن كذلك إشارات لمرافقة هؤلاء القاصرين والقاصرات في المسلسل الطويل لانتشالهم من الاستغلال، والتأهيل الصحي والنفسي وإعادة الإدماج داخل الأسرة والمدرسة. وهذا الموضوع يشكل مطلبنا الأساسي، بعد تحديد السن الأدنى في 18 سنة.
وكما أكدنا ذلك في عدة مناسبات، فإنه منذ العديد من السنين، وانطلاقا من تجربتنا الميدانية، مسلسل ” انتشال- إعادة الإدماج” يشكل مفتاح نجاح أي برنامج للقضاء، في مدى معين، على استغلال القاصرين والقاصرات في العمل المنزلي. وهذا يتطلب وضع برنامج عمل واضح في إطار تنظيمي مدقق في نص القانون.
نحن نتصور بأن المصالح العمومية المكلفة بتطبيق القانون، ستكون بحاجة لبلورة برنامج العمل ذاته، وكذلك للوقت من أجل تنفيذه. غير أننا نعتبر بأن فترة “انتقالية” للتنفيذ، لا يجب أن تتجاوز سنتين إلى ثلاث سنوات، ابتداء من نشر القانون.
إن عدة جمعيات أعضاء مؤسسة لائتلافنا، تنجز منذ أكثر من عشر سنوات، بكل من شيشاوة وقلعة السراغنة والدار البيضاء، برامج مكنت من انتشال المئات من القاصرين والقاصرات من الاستغلال، وإعادة إدماجهم في الوسط الأسري والمدرسي.
إن العديد من القاصرات يوجدن حاليا في الجامعات أو لهن وضعية اجتماعية قارة، كما لا توجد، ولو واحدة منهن، في حالة العود. وفي مناطق تدخل الجمعيات العاملة في المجال. فقد عرف تشغيل الفتيات القاصرات، تراجعا قويا، إن لم يكن قد اختفى كليا، وفقا لرأي خبراء التقييم الداخلي، والعاملين الاجتماعيين التابعين للجمعيات.
فنحن بالتالي، مستعدون لوضع تجربتنا رهن كامل إشارة الدوائر التي قد يعهد إليها ببلورة وإنجاز هذا البرنامج.
من جهة أخرى، نحن مستعدون كذلك، في إطار مرافقة وتأبيد هذا البرنامج، منذ صدور القانون، إلى وضع خبرتنا في ميدان التحسيس رهن إشارتهم، مع التأكيد على أن التحسيس يلعب دورا محددا، لكونه يطال العقليات على مستوى الإعلام والشرح وتحميل المسؤولية.
إن الأغلبية الكبيرة من الجمعيات الأعضاء بإئتلافنا، لها تجربة متنوعة على مستوى طرق وأدوات التواصل في ميادين حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق الطفل بصفة خاصة، وبالتالي يمكن استعمال أو تكييف تلك الأدوات والطرق في إطار مرافقة تنفيذ البرنامج المذكور.
واعتبارا لكل ما سبق، نحيل على أنظاركم اقتراحا بتعديل المادة 6 من مشروع القانون 12.19 ب”تحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين” يستند على المقتضيات التالية:
1– يمنع تشغيل الأشخاص الذين تقل أعمارهم على 18 سنة، كعاملات أو كعمال منزليين.
2- يطبق المنع فور صدور هذا القانون بالجريدة الرسمية.
3-يعتبر تشغيل الأشخاص القاصرين كعاملات أو عمال منزليين، جنحة تلبسية تمنح للضابطة القضائية صلاحية تفتيش المنازل حيث يمارس التشغيل، بإذن من وكيل الملك.
4-أما بالنسبة للأشخاص القاصرين في وضعية تشغيل منزلي عند صدور هذا القانون، يجب
انتشالهم وإعادة إدماجهم في الوسط الأسري والمدرسي خلال فترة انتقالية لا تتعدى ثلاث سنوات، ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون. وذلك بتنسيق بين الدوائر المكلفة بحماية الطفل.
5- يحدد بنص تنظيمي مجمل الإجراءات والتدابير المواكبة للفترة الانتقالية.
6- يحظر تشغيل أشخاص قاصرين جدد خلال الفترة الانتقالية.